وكم من مرة أصابتها الحميات الخطيرة، مصحوبة بأعراض التهاب الرئتين. وكم من مرة غشيتها إغماءة، وظلت فاقدة الوعي لمدة ساعة. واشتد عليها المرض في ١٦٤٨ فقالت أنها "أقسمت أن تتخلى عن كل شيء وتصبح كاثوليكية إذا برئت من سقامها وحفظ الله لها حياتها (٢٩) ". إنها كانت ابنة البحر المتوسط فارتعدت فرائضها من برد الشمال القاسي في الشتاء، وتاقت نفسها إلى سماء إيطاليا ومنتديات فرنسا. فكم يكون جميلاً أن تلحق بالنساء المثقفات اللائى بدأن مهمتهن الفذة في رعاية الحياة الفكرية والعقلية في فرنسا، إذا استطاعت أن تحمل معها ثروة كافية!!
وفي ١٦٥٢ بعثت سراً إلى روما بأحد الملحقين في سفارة البرتغال ليطلب قدوم بعض الجزويت ليناقشوا معها اللاهوت الكاثوليكي، فجاءوا متنكرين. ولكن فت في عضدهم وثبط من همتهم بعض الأسئلة التي وجهتها إليهم-هل يوجد إله حقاً، هل تبقى الروح بعد فناء الجسم، وهل ثمة تمييز بين الصواب والخطأ إلا عن طريق المنفعة. فلما أوشكوا على الرحيل-يأسا-هدأت من روعهم بقولها "ماذا ترون لو أني كنت أقرب إلى أن أصبح كاثوليكية مما تظنون؟ " وقال أحد الجزويت تعقيباً على ذلك "فلما سمعنا هذا أحسسنا بأننا بعثنا من مرقدنا (٣٠) ".
وكان اعتناق الكثلكة قبل التخلي عن العرش أمراً محظوراً قانوناً. ولكنها رغبت قبل التخلي عن العرش، في الحفاظ على الطابع الوراثي للملكية السويدية، عن طريق إقناع الديت بالتصديق على اعتبارها لأبن عمها شارل جوستاف. خلفاً لها. ولكن طول المفاوضات أجل نزولها عن العرش حتى ٦ يونية ١٦٥٤. وكان الاحتفال الأخير مؤثراً قدر ما كان تخلي شارل الخامس عن العرش مؤثراً قبل ذلك بتسعين عاماً. فإنها نزعت التاج عن رأسها، وطرحت كل الشارات الملكية، وخلعت العباءة الملكية، ووقفت أمام الديت في ثوب بسيط من الحرير الأبيض، وودعت بلدها وشعبها بخطاب فجر