وكانت بقية حكم سجسمند سلسلة من الحروب الفاجعة، فقد ورطه تحالفه مع آل هسبوج-مما ابتهج له الإمبراطور-في صراع كلفه غالياً مع الأتراك لم تنج منه بولندة إلا بفضل مهارة قوادها وشجاعة جنودها. واستفاد جوستاف أدولف من انشغال بولندة في الجنوب في غزو ليفونبا. وبمقتضى صلح ألتمارك (١٦٢٩) سيطرت السويد على ليفونيا وعلى البلطيق. وقضى سجسمند نحبه محطماً متهدماً (١٦٣٢).
وخلع الديت تاج بولندة على ابنه لادسلاس الرابع، الذي كان الآن في السابعة والثلاثين، وكان قد كشف عن نشاطه وهمته وجلده كقائد، وكسب صداقات كثيرة بفضل خلقه الصريح المرح. وأساء إلى البابا بتسامحه مع البروتستانتية في بولندة ومع الأرثودوكسية في لتوانيا. وأباح في ثورن قيام حوار عام سلمي بين رجال الدين الكاثوليك واللوثريين والكلفنيين (١٦٤٥) وشجع الفن والموسيقى. واشترى لوحات روبنز وأقمشة جوبلان المزركشة وأقام أول مسرح بولندي دائم، ومثل عليه الأوبرا الإيطالية، وتبادل الرسائل مع جاليليو في سجنه، ودعا العالم البروتستانتي جروشيوس إلى بلاطه وفارق الحياة (١٦٤٨) في الوقت الذي هددت فيه الدولة البولندية ثورة عارمة في القوازق.
٢ - المدنية
كان الاقتصاد البولندي لا يزال يتسم بسمات العصور الوسطى. وكانت التجارة الداخلية في أيدي الباعة المتجولين، والتجارة الخارجية مقصورة إلى حد كبير على دانزج وريغا، ولم تكن طبقة التجار تتمتع بثراء يذكر، وقلما سمح لأفرادها بعضوية البرلمان، فإن النبلاء تحكموا في الديت وفي الملك وفي الاقتصاد، وسيطروا على هؤلاء جميعاً. وكان يفلح الضياع الواسعة مزارعون خاضعون لتنظيمات إقطاعية أقسى من بعض الوجوه مما كان عليه الحال في