من موسكو، وأضيف ديمتري إلى قائمة القديسين الأرثودكس، وطواه النسيان إلى حين.
وكان بوريس - مثل ريتشارد الثالث في إنجلترا- أكثر توفيقاً في الحكم أثناء وصايته على العرش، منه بعد تربعه عليه فيما بعد. وعلى الرغم من أنه كان ينقصه التعليم الرسمي النظامي، بل ربما كان أمياً، فقد أوتي مقدرة جبارة، ويبدو أنه بذل جهود مضنية لمواجهة مشاكل الحياة في روسيا. فأصلح الإدارة الداخلية، وحد من فساد القضاء، وأولى الطبقات الدنيا والوسطى عطفاً ورعاية، وكلف الأشغال العامة بتهيئة فرص العمل للفقراء من سكان المدن، وخفف من أعباء الأرقاء والتزاماتهم، وكان- كما يقول أحد كتاب الحوليات المعاصر- "محبوباً لدى كل الناس"(٤٧). وحظي باحترام الدول الأجنبية وثقتها (٤٨). ولما مات القيصر فيودور الأول (١٥٩٨) طلبت الجمعية الوطنية من جودونوف بالإجماع أن يتولى العرش. فقبله مع تظاهره بالمعارضة خجلاً من أنه غير جدير به، ولكن ثمة شبهة بأن عملاءه كانوا قد مهدوا السبيل في الجمعية الوطنية. ونازع جماعة من النبلاء من الذين كرهوا منه دفاعه عن طبقة العامة (٤٩). نازعوا في حقه في اعتلاء العرش. تآمروا على خلعه، فأودع بوريس بعضهم السجن ونفى آخرين، وأرغم فيودور رومانوف (والد أول قيصر من أسرة رومانوف). على أن يدخل في سلك الرهبنة. ومات نفر من هذه المجموعة المغلوبة على أمرها. في ظروف مواتية لبوريس إلى حد اتهامه بتدبير قتلهم. ولما كان يعيش آنذاك في جو من الشك والفزع. فإنه بث العيون والأرصاد هنا وهناك. وأبعد المشتبه فيهم وصادر أملاكهم. وأعدم الرجال والنساء. وانهارت شعبيته الأولى. وتركته السنوات العجاف من (١٦٠٠ - ١٦٠٤) بغير تأييد ومساندة من الأهالي الذين يتضورون جوعاً في مواجهة المكائد التي كان يديرها النبلاء في تصميم وعناد.
وثمة مكيدة أصبحت ذات شهرة في التاريخ، والأدب والموسيقى. ففي ١٦٠٣ ظهر في بولندة شاب ادعى أنه ديمتري المفروض أنه مات. والوريث الشرعي