على ملاقاة الأتراك، ولكن الخسائر والأحقاد القبلية كانت قد استنزفت جيشه الذي كان كذلك تعوزه أحدث وسائل الفتك والتدمير.
وحوالي هذه الفترة (١٥٩٨) وصل من إنجلترا إلى فارس في بعثة تجارية إنجليزيان مغامران هما سير أنطوني شيرلي وأخوه الأصغر روبرت، يحملان هدايا ثمينة وخبرة عسكرية. وكان برفقتهما خبير في صنع المدافع. وتمكن الشاه عباس بمساعدتهما من إعادة تنظيم جيشه، وزوده بالبنادق والسيوف معاً، وسرعان ما توفر لديه ٥٠ مدفعاً. وقاد قواته الجديدة ضد الأتراك وطردهم من تبريز (١٦٠٣)، واسترد أريفان وشروان وكادن. فأرسل إليه الأتراك جيشاً عروماً قوامه مائة ألف رجل، هزمه عباس بستين ألفاً فقط (١٦٠٥)، واسترد بذلك أذربيجان وكردستان والموصل وبغداد وامتد حكم عباس من الفرات إلى السند.
وحتى قبل هذه الحملات الشاقة، كان الشاه عباس قد شرع (١٥٩٨) في تشييد عاصمة جديدة، أبعد منالاً على الغزاة من تبريز، وأقل تدنساً بذكريات الأجانب وأقدام السنين، كانت أصفهان موغلة في القدم لمدة ألفين من السنين (ولم لم تكن تحمل هذا الاسم)، وكان عدد سكانها ثمانين ألفاً. وعلى مسافة نحو ميل من المدينة القديمة أقام مهندسوه رقعة مستطيلة اسمها ميدان الشاه أو الميدان الملكي، طولها ١٦٧٤ قدماً وعرضها ٥٤٠ قدماً، تحوطها الأشجار وعلى جانبين منها متنزهات مغطاة اتقاء المطر والشمس. وفي الناحية الجنوبية شيد مسجد الشاه أو المسجد الملكي؛ وإلى الشرق بني مسجد لطف الله والقصر الملكي؛ وشغلت بقية المساحة بالحوانيت والخانات والمدارس. وإلى الغرب من الميدان شق طريق باتساع مائتي قدم "شاهار باع"(البساتين الأربعة) تحف به الأشجار والحدائق تزينه البرك ولنافورات وعلى جانبي هذا الطريق المزدان بالأشجار قامت قصورا الوزراء. وجرى عبر المدينة نهر زاياند الذي بنيت عليه ثلاثة جسور، كان أحدها "الله فردي خان" تحفة