وسان فرانسيسكو وواشنطن. ومن بين التحف التي استولت عليها القوات المسيحية بعد ارتداد الأتراك عن فيينا بساط من المخمل الحريري المقصب، من الواضح أنه صنع في أصفهان في عهد الشاه عباس (٤٥).
وبلغ النسيج الفارسي ذروته في التصميم وصنع الجلد، وشهد عصر الشاه عباس غاية مجد هذا الفن في فارس. وكاد السجاد أن يكون ضرورياً للفارسي قدر حاجته إلى الملابس، وقال توماس هربرت في القرن السابع عشر: "كان في بيوت الفرس قليل من الأثاث والأدوات المنزلية، اللهم إلا السجاجيد وبعض أشغال النحاس … وكانوا يتناولون الطعام وهم متربعون على السجاد على الأرض، مثل حائكي الملابس. وليس ثمة إنسان مهما قل شأنه إلا جلس على سجادة ثمينة أو غير ثمينة. وكل الدار أو الحجرة … مغطاة بالسجاد (٥٥) وساد آنذاك اللون القرمزي القاتم أو الأحمر الخمري الداكن، ولكن التصميم أو الرسم كان هادئاً مريحاً للنظر، بغية إحداث التوازن بين هذه الوفرة التي تزخر بها السجادة، ولو أنها صممت لإبراز موضوع رئيسي بمنطق مقبول. وقد يكون هذا التصميم هندسياً، وهنا تكون متنوعات لا حصر لها، تضفي على إقليدس جمالاً وبهاء. وكثيراً ما قام التصميم على الأزهار، وهنا تستمتع العين بتشكيلة غنية من الأزهار، ولكنها منسقة تنسيقاً جميلاً، تمثل النتاج المحبب إلى الناس في حدائقهم: أزهار مصفوفة في أصص، أو منثورة هنا وهناك، أو أزهار يصورها الخيال ولا تراها العين، مع زخارف عربية تنساب هنا وهناك في رشاقة وروية. وفي بعض الأحيان كانت الحديقة نفسها تزود بالتصميم: الأشجار والشجيرات والمزاهر، والمياه الجارية، رتبت كلها في شكل هندسي، وقد يتركز التصميم حول رسم كبير نافر تتدلى منه نتوءات في كل الأطراف، وقد يعرض الزخارف الحيوانية أو مناظر الصيد.
ويأتي بعد ذلك الجهد المضني والصبر الطويل: مد الخيوط طولاً في اللحمة على النوال ونسجها مع خيوط السداة العرضية، وحياكة عقد صغيرة من