الصوف أو الحرير الملون في اللحمة، لتلوين "الوبر" والرسم، وقد يكون في البوصة المربعة ١٢٠٠ عقدة، أو ٩٠ مليوناً من العقد في سجادة مساحتها ٢٣ قدماً مربعاً (٥٦). ويبدو أن العبودية قد نسجت هذا الفن أو ارتبطت به، ولكن العامل كان يتيه عجباً بدقة وجمال ما أخرجت يداه، محولاً هذه التشكيلة العجيبة من المواد إلى كل منتظم متناسق متسلسل الأجزاء. وكان هذا السجاد يصنع في اثني عشر مركزاً في فارس وأفغانستان والقوقاز ليضفي رواء وبهاء على القصور والمساجد والبيوت، أو ليقدم هدايا ثمينة إلى الملوك والأصدقاء.
ومر السجاد الفارسي والتذهيب الفارسي بتطورات مشابهة في القرنين السادس عشر والسابع عشر، وتأثراً "بأشرطة السحاب" وغيرها من الرسوم من الصين. وكان لهما بدورهما أثر على الفنون في تركيا والهند. وبلغا ذروة التفوق والامتياز على عهد الصفويين وما أن جاء عام ١٧٩٠ حتى أنتج السجاد الفارسي على أساس الكم، فتسرعوا في تصميمه ونسجه لسوق أوسع وأقل إلحاحاً على البراعة والإتقان، وبخاصة السوق الأوربية. ومهما يكن من أمر، فإنه حتى في هذه الحقبة، كانت هناك قطع نادرة فريدة، لا نظير لها من حيث النسيج واللون والرسم في أي مكان آخر في العالم.
وهكذا كانت فارس، وهكذا كان الإسلام في آخر ازدهار لسلطانهما وفنهما-حضارة تختلف اختلافاً عميقاً عن حضارتنا في الغرب، وفي بعض الأحيان معادية عداء مقروناً بالازدراء، تدمغنا بأننا مشركون ماديون، وتسخر من أخذنا بنظام الزوجة الواحدة وهو أشبه ما يكون بنظام الأمومة، وأحياناً انقضت علينا تقتحم أبوابنا كالسيل الجارف، وما كان ينتظر منا أن نتفهمها أو نعجب بفنها حين كان الجدل شديداً بين المسلم والمسيحي، ولم يكن قد ثار بعد بين دارون والمسيح، ولم تنته المنافسة بين الثقافتين بعد، ولكنها في الكثير الغالب توقفت عن سفك الدماء، ولكل منهما مطلق