للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سلطة آل هبسبرج وهيبتها عن منع هذه القوى المندفعة بعيداً عن المركز من أن تحيل الإمبراطورية إلى رابطة واهية عن وحدات تحكم ذاتها في عزة وكبرياء أما الديت الإمبراطوري، الذي لم يكن يلتئم شمله إلا بين الحين والحين، فقد وجدوا أن الحد من سلطان الإمبراطور أيسر من تشريع قوانين تقبلها كل الدول، وأما الناخبون الإمبراطوريون السبعة الذين كانوا يختارون الإمبراطور، فقد سيطروا عليه بالعهود والمواثيق التي انتزعوها منه ثمناً لانتخابه. وهؤلاء الناخبون هم ملك بوهيميا، وحكام سكسونيا، وبراندنبورج، والبالاتينات، و "الناخبون الروحيون"-أي رؤساء أساقفة كولونيا، وتريير، وماينز. ولم يحكم الإمبراطور حكماً مباشراً سوى النمسا، واستريا، وكارنثيا، وكاربولا، والتيرول، وأحياناً بوهيميا، ومورافيا، وسيليزيا، وغرب المجر. وكانت موارده المستقلة ثابتة من هذه الأقطار، فإذا أراد مزيداً من الموارد فعليه أن يتخذ سمته وقبعته في يده، إلى الديت الإمبراطوري الذي بيده مفاتيح المال.

حين مات فرديناند الأول (أخو شارل الخامس) في ١٥٦٤، نقل الناخبون التاج الإمبراطوري لولده مكسمليان الثاني، الذي ظفر من قبل بتاجي بوهيميا والمجر. وكان محبباً للناس إلى حد لا يناسب إمبراطوراً. فقد اصطفى الجميع في دفء طبعة الطيب وروحه المرحة، ولطفه وأدبه مع كل الطبقات، وعقله وفؤاده المفتوحين، فإذا أضفت إلى ذلك كله ذكاءه وتسامحه وتشجيعه للعلم والموسيقى، والفن، اجتمعت لك صورة سيد مهذب "جنتلمان" لم يصدق الناس أنه توج. وكان قد رعض تبوأه العرش للخطر حين آثر الوعاظ اللوثريين على نظرائهم الكاثوليك، وأصر على تناول الأسرار المقدسة بالخمر والخبز، ولم يمتثل للطقس الكاثوليك، امتثالاً ظاهراً إلا حين أكره على الخيار بين الرجوع إلى حظيرة الكنيسة الرومانية أو أعتزال الحياة العامة على أنه حمى البروتستنت خلال ذلك من الاضطهاد. وقد ندد بمذبحة القديس برثلميو وقال أنها قتل بالجملة (١)، وسمح لوليم أورنج بتجنيد جيش في ألمانيا