للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو الناظر في سلم المراتب المدرسية، واشتهر عازفو الأرغن يومئذ شهرة عازفي البيان الآن، وذاع صيت يعقوب هاندل في براغ، أما الأخوة هاسلر-وهم هانز، وكاسبار، ويعقوب-فقد انتشت جماهير المصلين بموسيقاهم التي كانت من وضعهم في كثير من الأحيان، في درسدن، ونورمبرج، وبراغ وقد نحا النبوغ الموسيقي إلى الظهور مراراً وتكراراً في الأسرة الواحدة، لا بفضل أي وراثة خفية، بل نتيجة لعدوى البيت، وهكذا اتخذ حشد حقيقي من آل شولتز اسم "بريتوريوس"، ولم يكتفِ ميخائيل بروتوريوس بوضع مجلدات في الموسيقى، بل وضع في كتابه "أصول الموسيقى" (١٦١٥ - ١٦٢٠) موسوعة شاملة رفيعة لتاريخ الموسيقى وآلاتهم وأشكالها.

أما أعظ الأسماء في هذا العصر وهذا الميدان فهو هنريخ شوتز، الذي أجمع الكل على الإشادة به "أباً للموسيقى الألمانية الحديثة". وقد ولد لأسرة سكسونية في ١٥٧٥، قبل قرن تماماً من مولد باخ وهاندو، وأرسى دعائم الأشكال والروح الموسيقية التي أوصلها هذان الفنانان إلى ذروة الكمال. وحين بلغت الرابعة والعشرين اتخذ سمته إلى البندقية، حيث درس على جوفاني جابرييلي. فلما عاد إلى ألمانيا تردد بين الموسيقى والقانون، ولكنه استقر آخر الأمر على العمل مديراً للموسيقى في بلاط يوحنا جورج، أمير سكسونيا الناخب، بمدينة درسدن. وراح منذ ١٦١٨ يتدفق ألحاناً كورالية مهدت السبيل كل التمهيد للعدد الكبير من الموسيقيين من آل باخ بفضل ما فيها من تناول بارع للكرواس (مجموعات المنشدين) وللأصوات المنفردة وللآلات الموسيقية، ومن مقابلة بين هذه كلها، ولأول مرة أذيب وخفف مزج الألحان الكورالي الألماني الثقيل بأسلوب "التوزيع" الأكثر اتساقاً، والذي جمع بين الأصوات والآلات. واحتفالاً بزفاف ابنة الأمير الناخب (١٦٢٧) لحن شوتز أولى الأوبرات الألمانية، وأسماها دافني على أساس أوبرا بيري التي تحمل هذا الاسم، والتي أديت بفلورنسة قبل ثلاثة وثلاثين عاماً. وتأثر شوتز