زونجلي حين خر صريعاً في المعركة، "قطع جسده سيورا، واستعمل الجنود شحمه ليشحموا به أحذيتهم، لأنه كان رجلاً بدينا (٤٣) ". وجاء في نشرة لوثرية في ١٥٩٠ "إن أراد أحد أن يقال له في بضع كلمات أية مادة من مواد الإيمان نقاتل عليها جنس الأفاعي الكلفنية الشيطاني، كان الجواب، كلها بلا استثناء … ذلك لأنهم ليسوا مسيحيين، بل يهود ومسلمون معمدون (٤٤) ". وفي سوق فرانكفورت كتب ستانسلاوس رسكيوس (١٥٩٢)"لقد لاحظنا من سنين أن الكتب التي يؤلفها البروتستنت ضد البروتستنت ثلاثة أمثال تلك التي يؤلفها البروتستنت ضد الكاثوليك (٤٥). وقال كاتب بروتستنتي في ١٦١٠ في معرض الرثاء لهذه الحال". أن هؤلاء اللاهوتيين المسعورين قد جعلوا الحرب المدمرة الناشئة بين المسيحيين المنشقين على البابوية من الهول والاتساع بحيث لا تبدو بارقة أمل في أن يكف كل هذا الصراخ والقذف والشتم واللعن والحرم قبل مجيء اليوم الآخر (٤٦).
ولكي نفهم هذا "السعار اللاهوتي" علينا أن نتذكر أن جميع أطراف النزاع أجمعوا على أن الكتاب المقدس كلمة الله المعصومة، وإن الحياة بعد الموت ينبغي أن تكون أهم شغل للناس في هذه الدنيا. كذلك لا بد أن تفسح الصورة مكاناً للتقوى الصادقة التي أورثت الكثيرين من اللوثريين والكلفنيين والكاثوليك الأتضاع والتسامي فوق حمى المذاهب وهذيانها. فقد هرب "أهل التقوى" هؤلاء من المنابر اللاهوتية والتمسوا في خلوتهم شيئاً من الحضرة الإلهية المطمئنة. وما زال مؤلف يوهان آرنت "حديقة الفردوس الصغيرة" يقرأ في ألمانيا البروتستنتية باعتباره كتيباً للتأمل الورع. وانتهى يعقوب بومي بهذه النزعة إلى فكرة الوحدة الصوفية لروح الفرد مع إله تصوره ينبوعاً كونياً، وأساساً لكل الأشياء، ينتظم كل "شر" وكل "خير" وزعم بومي أنه رأى "كائن الكائنات كلها، ورأى جهنم، كما رأى مولد الثالوث الأقدس (٤٧) " ولا يجد العقل غير العواطف مع الصوفية في كتاب "بومي" في شارة كل الأشياء، ١٦٢١ إلا دوامة من السخافات، ومن بواعث