لا بل بأشد مما يعاقب به هؤلاء المجرمون، فهؤلاء لا يؤذون سوى الجسد، أما أولئك فيزجون بالنفوس في الهلاك الأبدي .. ولو أن لوثر أعدم أو أحرق قبل أربعين عاماً، أو لو أن نفراً من الناس نخفف العالم من وجودهم، لما نكبنا يمثل هذه الإنشقاقات اللعينة، ولا يمثل هذه الملل والنحل التي تكدر صفاء العالم كله (٥٩).
ويمثل هذه الروح ناشد الكلفن داود بارينز، أستاذ اللاهوت بهايد لبرج (١٥١٨)، جميع الأمراء البروتستنت أن يشنوا حرباً صليبية على البابوية، وفي حملة كهذه يجب "ألا يتحرجوا من أي ضرب من ضروب القسوة أو العقاب (٦٠) ". وبلغ هذا السيل الدافق من الكتيبات ذروته بطبع ١. ٨٠٠ نشرة في سنة واحدة (١٦١٨)، وهي أول سني الحرب.
فلما قوى بأس الكاثوليك واشتد غضبهم، ألف عدد من الأمراء البروتستنت "اتحاد الأقاليم الإنجيلية"(١٦٠٨) أو اتحاداً بروتستنتياً ليتبادلوا الحماية. ووقف ناخب سكسونيا بمعزل عن الاتحاد، ولكن هنري الرابع ملك فرنسا بدأ على استعداد لمديد المعونة لأية مغامرة ضد الإمبراطور الهابسبورجي. وفي ١٦٠٩ ألف عدد من الحكام الكاثوليك يتزعمهم مكسمليان الأول دوق بافاريا، اتحاداً كاثوليكياً، عرف بالحلف الكاثوليكي، وما وافى أغسطس من عام ١٦١٠ حتى كانت كل دويلات الإمبراطورية تقريباً قد انضمت إليه، ثم عرضت أسبانيا أن تقدم له المعونة الحربية. ووافق الاتحاد البروتستنتي (فبراير) على أن يساعد هنري الرابع على الاستيلاء على دوقية بوليس-كليفز، ولكن مصرع الملك الفرنسي (١٤ ماير) حرم البروتستنت من أقوى حليف لهم. وسرى الخوف في ألمانيا البروتستنتية، ولكن الحلف لم يكن على استعداد للعمل. وفي يناير ١٦١٥ أنذر موريس حاكم هيس-كاسل الاتحاد البروتستنتي بأن "الحلف الكاثوليكي، الذي يحميه البابا، وملك