مما تدل عليه "أفروديت"؛ أو قد ننسى أن النحات لم ينحت ما تتعلق به أحلامه بقدر ما نحت ما أذن به الكهنة، وأن كل فن في الهند كان يتبع الدين أكثر مما يتبع الفن نفسه، إذ كان خادماً للاهوت أو قد نفسر بالجد ما لم يقصد به النحات إلى الجد، وإنما قصد به تصويراً كاريكاتورياً أو فكاهة أو بشائع يخيف بها الأرواح الشريرة فيطردها، فإذا ما رأينا أنفسنا نزور عنها في امتعاض فقد أقمنا بذلك الدليل على تأديتها لما أريد لها أن تؤديه.
ومع ذلك فلم يبلغ فن النحت في الهند كل ما بلغه أدبها من رشاقة، أو ما بلغه فن العمارة فيها من فخامة، أو ما بلغته فلسفتها من عمق؛ فكان أول ما صوره النحت في الهند هو مكنون عقائدها الدينية على خلطه واضطرابه، ولئن بزَّت الهند بفن النحت فيها نظائره في الصين واليابان، إلا أنها لم تبلغ قط مستوى التماثيل المصرية في برود كمالها، ولا مستوى التماثيل المرمرية اليونانية في جمالها الحي المغري، وإذا أردنا أن نقف من فن النحت الهندي عند مجرد الفهم لما ينطوي عليه من مزاعم، كان لا مندوحة لنا عن استعادة الشعور بالتقوى في قلوبنا، ذلك الشعور الذي ساد في العصور الوسطى بجده وإيمانه، والحق أننا نسرف فيما نطالب به فن النحت أو فن التصوير في الهند، فترانا نحكم عليهما كما لو كان في تلك البلاد- كما هما في بلادنا- فنين مستقلاً أحدهما عن الآخر، مع أن حقيقة الأمر هي إننا فصلناهما لتسهل دراستهما حسب ما جرت به التقاليد في تقسيم الفنون أقساماً مختلفة الأسماء مختلفة المعايير، فلو استطعنا أن ننظر إليهما كما هما في رأي الهندي، أي على اعتبار أنهما جزآن من عدة أجزاء يتألف منها فن العمارة عندهم، الذي لا يفوقهم فيه شعب آخر، كان منا بمثابة البداية المتواضعة التي قد تؤدي بنا إلى فهم الفن الهندي.