وكذلك تمثال بوذا الضخم الغليظ (٦٢) والعتبة المرمرية البديعة (٦٣) في بناء "آنورا ذابورا" في سيلان؛ هذه القائمة المملة، التي ذكرنا فيها آثاراً فنية لا بد أن تكون قد كلفت دماء كثير من الرجال في عدة قرون من الزمان، تدل بعض الدلالة على أثر العبقرية الهندية في مستعمرات الهند الثقافية.
إنه ليتعذر علينا للوهلة الأولى أن نقدر هذا النحت؛ فليس يستطيع أحد من الناس أن يطرح وراء ظهره بيئته الخاصة حين يرتحل في غير بلاده إلا ذو العقل العميق المتواضع؛ إنه لا مناص لنا من أن ننقلب هنوداً أو أبناء هذا البلد أو ذاك مما أخذ بزعامة الهند الثقافية، لنفهم الرمزية الكامنة في هذه التماثيل، وندرك ما تدل عليه هذه الأذرع والسيقان الكثيرة من وظائف وقوى خارقة، ونسيغ الواقعية البشعة التي تمثلها هذه التماثيل الشاطحة بخيالها، المعبرة عن رأي الهندوس في القوى الخارقة للحدود الطبيعية، التي تبدع في خلقها بما يجاوز حدود العقل، وتخصب إخصاباً يجاوز حدود العقل، وتخرب تخريباً يجاوز حدود العقل، إنه ليروعنا أن نرى كل شخص في قرى الهند نحيل الجسم، بينما نرى كل شخص في تماثيل الهند بديناً، لأننا ننسى أن التماثيل تصور الآلهة قبل كل شيء، والآلهة هم الذين يتلقون زبدة ما تثمره البلاد من خيرات؛ وإن أنفسنا لتطرب حين نعلم أن الهنود صبغوا تماثيلهم بالألوان، ومن ثم ينكشف لنا الغطاء عن حقيقة نسهو عن إدراكها، وهي أن اليونان فعلوا ذلك أيضاً، وأن الجلال الذي في آلهة فيديا يرجع بعضه إلى زوال الصبغة عن تماثيلهم زوالاً جاء عرضاً؛ وإنه كذلك ليسوءنا أن نرى قلة تماثيل النساء قلة نسبية في معارض الفن الهندي، ونرثى لإذلال النساء الذي قد تدل عليه هذه الظاهرة، ولا نذكر أبداً أن مذهب العرى في المرأة ليس أساساً لفن النحت يستحيل الاستغناء عن وجوده، وإن أعمق جمال للمرأة قد يتبدى في الأمومة أكثر مما يتبدى في الشباب، قد تدل عليه "ديميتر" أكثر