الديني، فإن التعبد بالكتاب المقدس حل محل الإعجاب الأعمى بالآداب الوثنية القديمة. وثارت فتنة واضطراب حين اكتشف العلماء أن الإنجيل (العهد الجديد) لا يكتب باللغة اليونانية الكلاسيكية بل بلغة الناس، ولكن علماء اللاهوت أوضحوا أن "الروح القدس" استخدم الأسلوب العام المشترك حتى يتيسر للناس فهمه وأصاب الناس غم جديد عندما خلص لويس كابل-الأستاذ البروتستانتي للعبرية واللاهوت في "سومور"، إلى أن الحروف اللينة وعلامات النطق في النص العبري الذي اعتمدته الكنيسة للعهد القديم (التوراة)، إن هي إلا إضافات أضافها إلى النصوص الأقدم عهداً، يهود طبرية المازوريون في القرن الخامس ق. م. أو بعده. وأن الحروف المربعة في النص المعتمد كانت آرامية بديلة عن الحروف العبرية. وتوسل جوهانس بوكستورف الأكبر، أعظم علماء عصره، إلى كابل أن يطوي هذه الآراء عن الجمهور ويحتفظ بها لنفسه، حتى لا تسيء إلى إيمان الناس بالإيحاء اللفظي للكتاب المقدس. ومع ذلك نشر كابل آراءه في ١٦٢٤، وحاول جوهانس بوكستورف الأصغر أن يدحضها ويفندها، محتجاً بأن النقط وعلامات النطق موحى بها من عند الله كذلك. واستمر الخلاف طوال القرن وتخلت الأرثوذكسية آخر الأمر عن النقط، ومن ثم اتخذت خطوة متواضعة نحو اعتبار الكتاب المقدس أعظم أسلوب أو تعبير مهابة وجلالاً لدى الشعب.
وينتمي إلى هذه الحقبة نفر من أشهر العلماء أو الباحثين في التاريخ. منهم جوستوس لبسيوس، الذي تردد على جامعتي لوفان وليدن، وتأرجح بين الكاثوليكية والبروتستانتية وذاع صيته في أوربا بفضل طبعاته المصوبة لكتب تاسيتس وبلوتس وسنكا، وتفوق على الأجروميات السابقة في كتاب "فن الأجرومية"(١٦٣٥). ورثى لفناء المدنية الأوربية الوشيك، ولكنه هدأ من روعه واستبشر خيراً "بسطوع شمس إمبراطورية جديدة في الغرب"-يعني "الأمريكيتين"(٣١).
وورث جوزيف جوستوس سكاليجر "وربما كان أعظم أستاذ فذ في