سعة المعرفة والإطلاع ظهر في العالم (٣٢)"، نقول ورث عن أبيه الشهير يوليوس قيصر سكاليجر، عرش البحث العلمي في أوربا. ففي آجن جنوب غربي فرنسا، اشتغل بكتابة ما يمليه عليها هذا الولد. ونهل العلم والمعرفة طوال حياته. فقرأ هوميروس في ثلاثة أسابيع، ووفق في قراءة كبار الشعراء والمؤرخين والخطباء الإغريق. وتعلم العبرية وثمان لغات أخرى. وتجرأ على دراسة الرياضيات والفلك و "الفلسفة" (التي كانت آنذاك تشمل الفيزياء والكيمياء والجيولوجيا والبيولوجيا) ودرس القانون لمدة ثلاثة أعوام. وربما ساعدت دراسته للقانون على شحذ ملكة النقد عنده، لأنه في الطبعات التي أصدرها للمؤلفين القدامى مثل كاتوللوس وتيبوللوس وبروبرتيوس وغيرهم أثار نقداً متعلقاً بالنصوص لأحداس عشوائية لقوانين الإجراءات والتأويل والتفسير. وكان ينظر بعين الاحترام الرشيد للتاريخ أو تحديد الأزمنة في دراسة التاريخ. وفي أعظم مؤلفاته "في تصحيح التواريخ" (١٥٨٣)، وتلك التي وردت أو حددت في التاريخ أو التقاويم أو الأدب في مصر وبابل وفلسطين والمكسيك. وجمع ورتب في كتابه "تسلسل التواريخ". (١٦٠٦) كل مادة تاريخية في الأدب القديم، وعلى هذا الأساس ألف أول تسلسل زمني على أساس علمي للتاريخ القديم. وهو الذي قال بأن السيد المسيح ولد في العام الرابع ق. م. وعندما ترك جوستوس لبسيوس ايدن في ١٥٩٠ عرضت الجامعة على سكاليجر كرسي "الأبحاث القديمة" فقبله بعد أن ظل ثلاث سنوات متردداً في قبوله. ومنذ تلك اللحظة حتى وفاته ١٦٠٩، كانت ليدن مقر العلماء.
وكان سكاليجر، مثل أبيه مزهواً بما يزعم من تحدر أسرته من أمراء دللاسكالا في فيرونا. وكان ناقداً لاذعاً لزملائه العلماء والباحثين، ولكن في ساعة تغاض وصفح قال إن إيزاك كازوبون "أعظم الأحياء علماً" (٣٣). وإن حياة كازوبون لتكشف عن مزايا المحن. لقد رأى النور في جنيف لأن أبويه