كانا من الهيجونوت الذين هربوا من فرنسا، وعادا إليها وهو في سن الثالثة وعاش لمدة ستة عشر عاماً في ظل المخاطر والإرهاب أيام الاضطهاد. وكان أبوه يتغيب لفترات طويلة للخدمة في جيوش الهيجونوت. وغالباً ما اختفت أسرته في الجبال لتكون بمنأى عن بطش الكاثوليك المسلحين. وتلقى إيزاك أول دروس في اليونانية في أحد الكهوف في جبال دوفيني وفي سن التاسعة عشر التحق بأكاديمية جنيف. وفي سن الثانية والعشرين صار أستاذاً في اليونانية، وتولى هذا المنصب لمدة خمسة عشر عاماً وسط العوز والفقر والحصار. وعاش بشق النفس على راتبه. ولكنه كان يقتر في طعامه ليشتري الكتب. وكان يخفف من وحشية العزلة والعكوف على العلم، بما يتلقى من رسائل سكاليجر العظيم. ونشر طبعات لمؤلفات أرسطو وبلليني الأصغر، وتيوفراستوس، سحرت الألباب في دنيا العلم والمعرفة، لا بمجرد تصويب النصوص، بل كذلك بالتعقيبات البارعة على الأفكار والطرق القديمة. وفي ١٥٩٦ عندما أخمد هنري الرابع الصراع الديني، عين كازوبون أستاذاً في مونبلييه. ودعي بعد ذلك بثلاثة أعوام إلى باريس. ولكن الجامعة أوصدت أبوابها في وجوه غير الكاثوليك، فأحاطه هنري برعايته، كأمين للمكتبة الوطنية، براتب محترم قدره ١٢٠٠ جنيه في العام. وقال رجل الاقتصاد صلي للعالم كازوبون إنك تكلف الملك كثيراً يا سيدي. إن راتبك يفوق راتب قائدين، ولا نفع يرجى منك لبلدك (٣٤). فلما مات هنري العظيم، رأى كازوبون أنه كان قد حان الوقت لقبول دعوة من إنجلترا. ورحب به جيمس الأول بوصفه رفيق علم وبحث … ومنحه راتباً سنوياً قدره ٣٠٠ جنيه إنجليزي. ولكن الملكة الفرنسية الوصية على العرش رفضت أن تذهب مؤلفاته في أثره وأزعجه الملك بالأبحاث، ولم يغفر له المفكرون الإنجليز فب لندن عدم تحدثه بالإنجليزية وبعد أربعة أعوام قضاها ترك المعترك (١٦١٤) في سن الخامسة والخمسين. ودفن في وستمنستر.
وكان لقب "العالم" في ذاك الزمان أكثر احترماً وتشريفاً من الشاعر