أو المؤرخ. فإن العالم كان ينظر إليه بعين الإجلال والإكبار لأن دراسته الدءوبة حافظت على مواطن الحكمة والجمال الكامنة في الآداب والفلسفة القديمة وعملت على تنقيتها وتوضيحها. ودخل سكاليجر جامعة ليدن دخول "الأمير الفاتح" ولقي هناك ترحيباً كبيراً. وكانت ثمة أمم كثيرة ترغب في أن تحوز كلود دي سمويز الذي عرفته الدنيا "عالماً" من أمثال سالاميوس وبعد موت كازوبون أجمع العالم بأسره على أنه "أعلم الأحياء في ذلك الزمان"، وأنه بصفة عامة معجزة الدنيا (٣٥). فماذا فعل هذا العالم؟ إنه ولد في برجندي، وتلقى تعليمه-وتحول إلى الكلفنية-في هيدلبرج. وفي سن العشرين تألق نجمه في نشر طبعة دقيقة محققة لمؤلفات اثنين من كتاب القرن الرابع عشر عن سلطة الباباوات العليا المتنازع عليها، وبعد ذلك بعام واحد، نشر "خلاصة عن النبات". وتوالت الكتب بعد ذلك، حتى بلغت في جملتها ثلاثين كتاباً تميزت كلها بسعة الإطلاع وتناول كل ألوان المعرفة. وبلغ الذروة في كتاب ضخم مكون من ٩٠٠ صفحة على نهرين بعنوان "أمثلة في تعدد جوانب الثقافة والمعرفة"(١٦٢٩). وكان سولينوس، وهو أحد النحاة في القرن الثالث-قد جمع في موسوعة تاريخ البلاد الأوربية الكبرى وجغرافيتها وأعراقها البشرية واقتصادها ونباتها وحيوانها، وجاء بعد ذلك ناشر متأخر فأطلق عليه "ثقافة متعددة الجوانب"، ثم جاء سالماسيوس فدون على هذا النص تعليقات واسعة تشمل كل رومة الإمبراطورية. وكان أمامه أن يختار بين اثنتي عشرة دعوة وجهت إليه، فاختار الأستاذية في ليدن، ثم عين في الحال رئيساً لكلية عظيمة وسارت الأمور سيراً حسناً، حتى كلفه شارل الثاني ملك إنجلترا الذي كان متغيباً آنذاك في هولندا، بأن يكتب عن إدانة كرومويل بقتل شارل الأول وظهر الدفاع عن الملك شارل الأول في نوفمبر ١٦٤٩ بعد إعدام الملك بنحو عشرة أشهر. ولم يرق الكتاب في عيني كرومويل، واستأجر أعظم شعراء إنجلترا للرد عليه. وسنعود للكلام عليه مرة أخرى. وكتب سالماسيوس رداً على ملتون، ولكنه مات (١٦٥٣) قبل أن يتمه. ونسب إلى ملتون فضل القضاء عليه.