وهي الآن في الطرف الجنوبي للسويد، وكان أبوه عضواً في مجلس الدولة الدنمركي، وأمه مديرة ملابس الملكة. أما عمه الثري جورجن الذي انفطر قلبه غماً لأنه لم ينجب أولاداً، فقد اختطفه، وتملق أبويه واسترضاهما بكل الوسائل، ابتغاء موافقتهما، وهيأ للطفل كل فرص التعليم ووسائله. وفي سن الثالثة عشرة التحق تيكو بجامعة كوبنهاجن. وطبقاً لما ذكره جاسندي، انجذب تيكو إلى الفلك عندما سمع أحد المعلمين يناقش موضوع كسوف شمس قادم. ولحظ حدوث الكسوف كما تنبئوا به، وعجب لهذا العلم الذي بلغ مثل هذه القدرة على التنبؤ، واشترى نسخة من كتاب بطليموس "المجسطي". وأكب عليها إلى حد إهمال سائر الدراسات. ولم يتخلى قط عن النظرة الهندسية التي تجلت في القرن الثاني من عصرنا.
وفي سن السادسة عشرة نقل إلى جامعة ليبزخ، حيث درس القانون بالنهار، ودرس النجوم بالليل. وحذروه من أن مثل هذا العمل قد يؤدي إلى انحطاط الجسم وانهيار في الأعصاب. ولكن تيكو أصر وثابر، وأنفق كل ما يحصل عليه في شراء الآلات الفلكية. وفي ١٥٦٥ مات عمه، تاركاً له ثروة كبيرة. وأسرع تيكو بعد تسوية أموره، إلى وتنبرج، لمزيد من الرياضيات والفلك، ثم غادرها فراراً من الطاعون، إلى روستوك، وهناك اشترك في مبارزة أطاحت بجزء من أنفه، فاتخذ أنفاً براقاً جداً من الفضة والذهب ظل به بقية حياته. وانهمك في التنجيم وتنبأ بموت سليمان القانوني، ليجد أن السلطان قد فارق الحياة بالفعل (٦٩). وبعد كثير من التجوال في ألمانيا عاد إلى الدنمارك، وشغل نفسه بالكيمياء. وأعاده إلى الفلك كشف نجم جديد في مجموعة ذات الكرسي (١٥٧٢). أن ملاحظاته السعيدة لهذا النجم المتنقل، وما كتبه عنه في أول مؤلف نشر له "النجم الجديد" أكسباه شهرة في كل أنحاء أوربا. ولكن أزعجا بعض وجهاء الدنمارك الذين اعتقدوا أن التأليف ضرب من حب الظهور الذي لا يليق بالدم الأزرق. وأذهلهم