للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تيكو بزواجه من بنت فلاحة. يبدو أنه أحس بأن زوجة وربة بيت بسيطة، خير من رفيق لفلكي منصرف بكليته إلى الفلك، وأحسن صنو منفتح سمح لرجل ذي أنف ذهبي.

ولما لم يقنع تيكو بالتسهيلات الفلكية في كوبنهاجن، فإنه اتخذ طريقه إلى كاسل، حيث كان الدوق وليم الرابع قد بنى ١٥٦١ أول مرصد ذي سقف دوار، وطور يوست بورجي ساعة ذات رقاص (بندول) جعلت من الميسور تحديد أوقات رصد النجوم وحركاتها في دقة لم يسبق لها مثيل. وامتلأ تيكو حماساً جديداً فعاد إلى كوبنهاجن، وأثار اهتمام فردريك بمشروع لإقامة مرصد. فوضع الملك تحت تصرفه جزيرة هفين (فينوس) في مياه السوند، وأجرى عليه راتباً كبيراً، واستطاع تيكو بهذا المال بالإضافة إلى موارده الخاصة، أن يشيد هناك قصراً وحدائق أطلق عليهما أورانبيرج (مدينة السماء)، وكانت تضم مساكن ومكتبة ومعملاً وعدة مراصد ومصنعاً لما تحتاج إليه من آلات. ولم يكن لديه مقراب (تلسكوب)، حيث كان لا بد من انتظار ثمانية وعشرين عاماً حتى يتم اختراعه-على أن أرصاد تيكو هي التي قادت كبلر إلى اكتشافات قيمة كانت فاتحة لعصر جديد.

وطيلة إحدى وعشرين سنة في جزيرة هفين جمع تيكو وتلاميذه من المادة ما يفوق في حجمه ودقته أية مادة معروفة من قبل. وسجل كل يوم، ولعدة سنوات، حركة الشمس الظاهرية، وكان من أوائل الفلكيين الذين أدخلوا في حسابهم انحراف الضوء وأخطاء الراصدين والآلات، ولذلك عاود إرصاده وملاحظاته مرات ومرات. وكشف عن التغيرات في حركة القمر ووضعها في صيغة قانون. وأدى به تدقيقه الشديد في تفقد أحد المذنبات في ١٥٧٧ إلى الاعتقاد السائد في العالم الآن، بأن المذنبات أجرام سماوية حقيقية تتحرك في مدارات محددة منتظمة، بدلاً من كونها تنشأ في الغلاف الجوي للأرض. وعندما نشر تيكو الثبت الذي جمعه عن ٧٧٧ نجماً، حددها بعناية فائقة على القبة السماوية الضخمة في مكتبته، فإنه بذلك برر حياته.