فتقدم بطلبات للتدريس في بيزا وفلورنسة وبادوا، فرفضوا تعيينه لصغر سنه وفي ١٥٨٩، بينما كان هو وأحد أصدقائه يسعيان للحصول على عمل في القسطنطينية وفي الشرق، نمى إلى علمه خلو كرسي الرياضيات في بيزا. فتقدم لشغله، وهو قليل الرجاء في الحصول عليه. وكان بعد في الخامسة والعشرين. وعين في هذا المنصب لمدة ثلاث سنوات براتب قدره ٦٠ سكودي في العام. وكاد بهذا الراتب أن يتضور جوعاً، ولكنه استطاع أن يكشف عن نشاطه وجلده.
لقد اشتد عوده إلى حد كبير، فبدأ لفوره، من منصة التدريس، في شن الحرب على فيزياء أرسطو. لقد قال الإغريق "بأن الحركة إلى أسفل لأية كتلة من الذهب أو الرصاص أو أي جسم آخر يهبط نتيجة تنقله، أسرع بالنسبة لحجمه (٧٨). وذهب لكريشيس (٧٩) وليناردو دافنشي (٨٠) إلى هذا الرأي. وفي الأزمنة القديمة نفسها ناقش هبارخس (حوالي ١٣٠ ق. م) رأى أرسطو عن هبوط الأجسام بفعل الثقل. وذهب يؤانس فيليبونس (٥٣٣) وهو يعلق على أرسطو "إلى أن الفرق الزمني بين سقوط جسمين وزن أحدهما ضعف وزن الآخر"، هو لا شيء البتة، أو أنه فرق ضئيل جداً لا يمكن (٨١) إدراكه وهنا نأتي إلى قصة مشهورة، ولو أنها محل نزاع، وردت أولاً في سيرة حياة جاليليو، التي كتبها صديقه فنشنزو فيفياني في ١٦٥٤ (بعد ١٢ عاماً من وفاة جاليليو)، ودعياً أنها مستقاة من كلام جاليليو نفسه.
ما كان أشد فزع الفلاسفة كلهم، حين أثبت جاليليو أن كثيراً جداً من النتائج التي استخلصها أرسطو، زائفة، عن طريق التجارب والبراهين الدامغة … من ذلك أن سرعة الأجسام المتحركة من مادة واحدة، ولكن مختلفة الوزن، ومتحركة في نفس الوسط لا تحتفظ بالتبادل بتناسب وزنها. كما قال أرسطو. ولكنها كلها تتحرك بنفس السرعة. مد الأعلى ذلك بتكرار التجارب من فوق برج بيزا، بحضور