سائر المعلمين وكل الفلاسفة والطلبة … أنه عز مكانة كرسي التدريس وحظي بشهرة أهاجت حقد الفلاسفة منافسيه عليه حتى ثاروا ضده (٨٢).
أن جاليليو نفسه لم يذكر شيئاً عن تجربة بيزا في كتاباته الباقية. كما أنه لم يرد ذكرها فيما دونه من معاصريه في ١٦١٢ و ١٦٤١ عن تجاربهما الخاصة بهما في إسقاط أجسام مختلفة الوزن من فوق البرج المائل (٨٣) ورفضت قصة فيفياني على أنها أسطورة من نسج بعض الباحثين في ألمانيا وأمريكا (١). وليس من المؤكد كذلك أن زملاءه الأساتذة في بيزا استاءوا. وترك هذه الجامعة في صيف ١٥٩٢، وربما كان السبب في ذلك أنه عرض عليه مركز أعلى ومرتب أكبر، فنراه في سبتمبر أستاذاً في بادوا يدرس الهندسة الميكانيكا والفلك، وقد حول داره إلى معمل دعا إليه طليته وأصدقائه. وتجنب الزواج ولكنه اتخذت عشيقة أنجبت له ثلاثة أطفال.
ووضع جاليلو ما جمعه من أبحاث وتجارب، في كتابه "محاورات حول علمين جديدين" وذلك في أيامه الأخيرة، قبيل وفاته، ويقصد بهذين العلمين الاستاتيكا والديناميكا. وأثبت عدم قابلية المادة للفناء. وصاغ قواعد الرافعة والبكرة. وأوضح أن سرعة سقوط الأجسام سقوطاً مطلقاً تزيد بنسبة
(١) إن كتابات أرسطو هي في الغالب ملاحظات موجزة، ربما توسع فيها أو عدلها في محاضراته. وربما قصد بقطعة " De Coelo" أنه في وسط مقاوم، بما في ذلك الهواء الطلق، تسقط الأشياء ذات الكتلة المكثفة مثل قطعة النقود، أسرع ما تسقط الأشياء ذات الحجم الكبير والوزن الصغير مثل قطعة الورق. وهذا بطبيعة الحال صحيح. ولكن في الفراغ، تسقط قطعة النقود والورقة أو كرة من الرصاص وريشة، بنفس السرعة. بل أنه حتى في الهواء الطلق، فإن قطعة الورق إذا تغصنت في كتلة متضامنة تسقط بنفس السرعة التي تسقط بها العملة تقريباً. وإذا لحظنا التعديل في بيان فيفياني أن الأشياء يجب أن تكون من نفس المادة .. وأن تسقط في نفس الوسط، فإن الهوة بين فيلسوف اليونان وعالم بيزا تضيق كثيراً.