إني لأعتبر نفسي سعيداً لأجد في شخصك زميلاً عظيماً مثلك، في بحثي عن الحقيقة … وسأعكف على قراءة كتابك تحدوني كل الرغبة في استيعاب ما فيه، لأني كنت لعدة سنوات من أنصار نظرية كوبرنيكس، ولأنه (أي الكتاب) يكشف لي عن أسباب كثيرة من الظواهر الطبيعية البالغة الإبهام والتي لا يمكن فهم كنهها في ضوء الفرضية المقبولة عامة. ودحضنا لهذه الفرضية جمعت براهين كثيرة. ولكني لا أنشرها، حيث يثنيني عن نشرها حظ أستاذنا كوبرنيكس الذي حظي لدى نفر قليل من الناس بشهرة خالدة، ولكن لقي تجريحاً واستنكاراً من كثرة لا يحصى عديدها (لأن عدد الأغبياء كبير جداً).
وقد أتجاسر على نشر تأملاتي إذا كثر أمثالك (٨٨).
وأعلن جاليليو إيمانه بنظرية كوبرنيكس في محاضرة ألقاها في بيزا ١٦٠٤ وصنع في ١٦٠٩ أول مقراب (تلسكوب) له، وفي ٢١ أغسطس عرضه على السلطات الرسمية في البندقية وإليك روايته في هذه المناسبة: -
إن كثيراً من النبلاء وأعضاء السناتو، برغم كبر سنهم، صعدوا أكثر من مرة إلى قمة أعلى كنيسة في البندقية (سان مارك) لكي يروا الأشرعة والمراكب … وهي بعيدة جداً بحيث لا بد من انقضاء ساعتين قبل رؤيتها بغير منظاري المقرب … لأن تأثير آلتي يصل إلى حد أن أي جسم على مسافة خمسين ميلاً، يظهر كبيراً كما لو كان كان على مسافة خمسة أميال فقط … إن السناتو الذي عرف كيف نهضت بخدمته لمدة سبعة عشر عاماً في بادوا … أصدر أمراً باختياري الأستاذية مدى الحياة (٨٩).
وأدخل جاليليو على تلسكوبه من التحسينات ما جعله يكبر الأشياء ألف مرة. وذهل لما رأى من عالم جديد من النجوم التي تبلغ عشرة أمثال ما دون عنها من قبل. وشوهد أن المجموعات الآن تحتوي على عدد كبير من النجوم لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، ورئي أن "بنات أطلس" ستة وثلاثون