الشجاعة، والأصالة. ولم يعترف بأهمية حسابات كبلر في مدارات الكواكب وكان يتراخى في الاعتراف بقيمة أعمال معاصريه، وقلما تحقق، كم من كشوفه في الميكانيكا كانت قد أنجزت قبله. لقد أجرى بعضها رجل آخر من فلورنسة إسمه ليوناردو. ولكن الآراء التي عوقب من أجلها ليست هي بالضبط ما يعتنقه الفلكيون اليوم، ومثله مثل معظم الشهداء تحمل أن يكون الصواب خطأ-ولكنه لم يكن على خطأ في إحساسه بأنه خلق في الديناميكا علماً كاملاً، وأنه وسع العقل البشري وزاد من قدرة الناس على رؤية الأشياء وفقاً لعلاقاتها الصحيحة وأهميتها النسبية، بفضل إبرازه، بمقياس أكبر كثيراً عن ذي قبل، أن الكون واسع سعة رهيبة. وشارك كبلر شرف تقبل الناس لآراء كوبرنيكس، كما شارك نيوتن شرف إظهار أن السماء نفسها تفصح عن عظمة القانون. ثم أنه، بوصفه من أفاضل أبناء عصره النهضة، مكتب أحسن نثر إيطالي في زمانه.
وانتشر أثره حتى عم كل أوربا. إن إدانته هي التي رفعت مكانة العلم في البلاد الشمالية، على حين حطت من قيمته لفترة قصيرة في إيطاليا وأسبانيا وليس معنى هذا أن محكمة التفتيش حطمت وقضت على العلم في إيطاليا، فإن توشللي وكاسيني وبورللي وربدي وماليجي ومورجاني حملوا المشعل إلى فولتا وجلفاني وماركوني، ولكن العلماء الإيطاليين الذين علقت بأذهانهم قصة جاليليو اجتنبوا التورطات الفلسفية في العلم. وبعد إعدام برونو حرقاً وبعد تخويف ديكارت وتهديده بمصير جاليليو، باتت الفلسفة في أوربا احتكاراً بروتستانتياً.
وفي ١٨٣٥ حذفت الكنيسة مؤلفات جاليليو من قائمة الكتب المحظورة وانتصر الرجل المحطم المقهور على أقوى النظم في التاريخ.