بعلم الميكانيكا إلى مستوى لم يبلغه من قبل. وبعد صدوره، كعف جاليليو على إعداد محاورات إضافية درس فيها ميكانيكا القذف أو الإطلاق، وأشار إلى ما جاء به نيوتن فيما بعد في قانونه الثاني عن الحركة. ويقول أول مؤرخي سيرة جاليليو:"في أخريات أيام حياته، وفيما كان يعاني كثيراً من اعتلال صحته، كان عقله مشغولاً دوماً بالمسائل الميكانيكية والرياضية (١١٦)، وفي ١٦٣٧ وقبيل أن يفقد بصره، أعلن عن آخر كشوفه الفلكية، نودان أوميسان القمر-تغيرات جانبه المواجه للأرض دائماً. وفي ١٦٤١، وقبل وفاته ببضعة شهور قلائل، شرح لابنه طريقة صنع ساعات ذات البندول.
إن اللوحة التي رسمها له سوسترمان في أرستري (والموجودة الآن في قاعة بيتي) هي العبقرية مجسمة: جبهة عريضة، وشفتان مشكستان مولعتان بالجدل والمناظرة، ونف دقيق، وعينان حادتان، ونافذتان، وهذا وجه من أكرم الوجوه في التاريخ. وفقد الشيخ الجليل بصره في ١٦٣٨. وربما كان التحديق المجهد سبب ذلك، وكان يجد شيئاً من العزاء في اعتقاده بأن أحداً من بني الإنسان من عهد آدم، لم يرَ أكثر مما رأى هو، فهو يقول: "إن هذا الكون الذي وسعت فيه وكبرته ألف مرة، تقلص الآن وانحصر في نطاق جسمي الضيق، هكذا أراد الله، ولا بد أن أريد هذا أنا أيضاً (١١٧). وفي ١٦٣٩ حين كان يعاني من الأرق ومن مائة من الآلام الأخرى رخصت له محكمة التفتيش في زيارة فلورنسة، تحت مراقبة دقيقة، ليرى أحد الأطباء ويحضر القداس. فلما عاد إلى أستري، أملى على فيفياني وتورشللي، وعزف على العود حتى فقد سمعه كذلك. وفي ٨ يناير ١٦٤٢، وكان قد قارب السابعة بعد الثمانين، فاضت روحه بين أيدي حوارييه.
وأطلق عليه جروتيوس "أعظم عقل في كل العصور"(١١٨). وثمة شيء من القصور في العقل والخلق بطبيعة الحال. فأخطأوه-الغرور والزهو والانفعال والخيلاء-إن هي ببساطة إلا عشرات مناقبه أو ثمنها: الثبات