رأي خاص، وهو المبدأ الذي اتهمته الكنيسة الكاثوليكية وأدانته لأنه يدعو إلى الفوضى المذهبية والأخلاقية، نادت به وأقرته كل الهيئات البروتستانتية تقريباً، ثم شجبته وأدانته فيما بعد، وفي الوقت نفسه قوض هذا المبدأ أركان العقيدة. أن الشيع المتزايدة قاتلت بعضها بعضاً، وكأنها ذراري بالغة الكثرة، وفضحت مطالب بعضها بعضاً، وتركت الديانة عارية في مهب رياح العقلانية. وأهابت هذه الفروق والشيع لنصرتها في أثناء صراعها، الأسفار المقدسة والعقل كليهما. ودعت دراسة الكتاب المقدس إلى الشك في معانيه وفي عصمته من الخطأ. وأنهى اللجوء إلى العقل عصر الإيمان. وحقق الإصلاح البروتستانتي أكثر مما كان يصبو إليه. وأضربت بصورة خاصة، حملات النقد الذي أنصب على الكتاب المقدس، بالمذهب البروتستانتي الذي أقيم في طيش وتهور على كتاب مقدس منزل من عند الله. إن التحسينات التي أدخلت على النظام الاجتماعي وأمن الناس، خففت من الإرهاب والقسوة، وأحس الناس أنهم لا بد لهم أن يدركوا أن الله سبحانه وتعالى أرحم وألطف مما صوره لهم بولص وأوغسطين وليولا وكلفن، ولم تعد الجحيم والقضاء والقدر أموراً يمكن تصديقها، وأجرت الأخلاقية الجديدة اللاهوت القديم. وهيأ نمو الثروة لانتشار نزعة حياة أبيقورية التمست لها فلسفة تبررها. إن كارثة الحروب الدينية انصبت على رأس الديانة نفسها فكانت هي ضحيتها. إن ازدياد المعرفة بالأخلاق والفلسفات الوثنية. وبالعبادات والطقوس الآسيوية أثار مقارنات محيرة بالمسيحية. ألم نسمع أرزم يدعو ويتوسل إلى "القديس سقراط" ألم نرَ مونتيني يرجع المذاهب الدينية إلى أحداث الجغرافيا وإلى حكم الحروب؟ وكشف تقدم العلم عن عمل "القانون الطبيعي" في كثير من الحالات، ومثال ذلك مسار المذنبات الذي رأت فيه الديانة يد العناية الإلهية. ووجدت الطبقات المتعلمة أنه من الصعب عليها أن تصدق أو تؤمن بالمعجزات على حين ابتهج وفاخر بها غير المثقفين. ثم هذه