الأرض التي تقول الأساطير الأثيرة لدى العامة بأنها أحست "بأقدم الرب"، أليست كما ألمح كوبرنيكس جاليليو مجرد فقاعة ومرحلة قصيرة في هذا الكون البالغ السعة، وسعة لا يمكن تحديدها، بالنسبة للأرباب الحاسدين الحاقدين الوارد ذكرهم في سفر التكوين؟ وأين ذهبت السماء، والتقلبات على أشدها حتى أنها لتغير المواقع مرتين في اليوم الواحد.
وكان "الموحدون" أكثر الشكاكين اعتدالاً، وهم الذين، في إيطاليا وسويسرا وبولندة وهولندا وإنجلترا، أثاروا الشكوك حول ألوهية المسيح. وكان هناك بالفعل نفر قليل من الربوبيين (١) الذين آمنوا بالله متماثلاً مطلقاً مع الطبيعة، وأنكروا ألوهية المسيح، ورغبوا في أن يجعلوا المسيحية مذهباً أخلاقياً لا عقيدة دينية، وكانوا حتى تلك اللحظة مشتتين حذرين، حتى اشتد عودهم وارتفعت مكانتهم فباتوا يزعجون البلاد، كما فعل إدوارد هربرت من شربوري. ولسوف نجدهم بعد ١٦٤٨، وقد ارتفع صوتهم عن ذي قبل. وأشد جرأة منهم كان الأبيقوريون في ألمانيا، الذين سخروا من "يوم الحساب" الذي طال ترقبه، ومن الجحيم التي يحتمل ألا تكون رهيبة مزعجة، برغم كل شيء، ما دام أكثر الناس ابتهاجاً ومرحاً سوف يحشرون (١) فيها. وفي فرنسا أطلق على مثل هؤلاء الناس "ذوو العقول الصلبة" أو "الإباحيون" وهم الذين بدأت أساليبهم المائعة الطليقة تضفي معناها الحديث على لفظة كانت نعنى في الأصل "المفكرين الأحرار". وفي ١٥٨١ ألف فيليب دوبلسير-مورني كتاباً في ٩٠٠ صفحة "حقيقة الديانة المسيحية، في مواجهة الملحدين". وفي ١٦٢٣ نشر الجزويتي فرانسوا جاراس كتاباً في
(١) الربوبية: Deism الإيمان بالله بغير اعتقاد بديانات منزلة-مذهب فكري في القرن الثامن عشر يدعو إلى الإيمان بدين طبيعي مبني على العقل، لا على الوحي، ويؤكد على الناحية الأخلاقية، منكراً تدخل الخالق في نواميس الكون.