أكثر من ألف صفحة من قطع الربع، حمل فيه على "الإباحيين" الذين "يؤمنون بالله شكلاً أو من أجل دين الدولة" .. ولا يرتضون إلا "الطبيعة" والقضاء والقدر (٢). وفي العام نفسه قدر مدرين مدسن عدد الملحدين في باريس بنحو ٥٠ ألفاً (٣)، ولكن هذه الكلمة كانت تستخدم في هاتيك الأيام بشكل فضفاض، وربما قصد بها مارين "الربويين. وفي ١٦٢٥ أوضح جبراييل نودي أن الشرائع التي نزل بها الوحي المقدس على "توما بمبليوس" (ملك روما الأسطوري ٧١٥ - ٦٧٢ ق. م) على موسى، ما هي إلا خرافات ابتدعت لإقامة النظام الاجتماعي، وأن رهبان طيبة لفقوا حكايات الصراع مع الشيطان ليزيدوا من شهرتهم ويرفعوا من مكانتهم ويغذوا الجمهور الساذج. وفي ١٦٣٣ نشر فرانسوا دي لاموث لافايي-سكرتير ريشيليو، ومعلم لويس الرابع عشر، الذي تولى الملك فيما بعد-كتابه المسمى "محاورات أورازيوس تابيرو"، صرح فغيه بشكوكية عامة: "إن معرفتنا هراء في هراء، وأن حقائقنا خيالات وأوهام، وأن دنيانا بأسرها … مهزلة متصلة" (٥) وكان فرانسوا هذا من بين الذين ضعف إيمانهم قبل تعدد المذاهب المعصومة: "ليس في هذه العقائد التي لا حصر لها رجل لا يؤمن بأن مذهبه هو الحق، وأن غيره هو الباطل" (٦). وعلى الرغم من شكوكيته تزوج في سن الثامنة والسبعين، ووافته المنية في الرابعة والثمانين وهو على فراشه. وكان، وهو متشكك فاضل، قد عكف عن معارضة الكنيسة.
وكان قدر كبير من هذه الشكوكية الفرنسية صدى سلبياً لمونتيني. ثم أضحت قوة إيجابية بناءة في شخص صديقه بيير شارون، وهو قسيس من بوردو، قام له بالطقوس الأخيرة عند موته، وورث مكتبته، وكتب في ١٦٠١ "رسالة عن الحكمة" في ثلاثة مجلدات في وصف الحكمة، ولكن قيل عن هذه الرسالة بغير حق، بأنها ت رتيب منهجي لمونتيني، ولكنها، على الأصح، رسالة مستقلة تدين بكثير من الفضل "للمقالات"، ولكنها تحمل