للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكوافيفا استنكاره بمبدأ ماريانا في قتل الطغاة (٨ يولية) وحظر إدراجه في تعاليم الجزويت. وكان ماريانا في الوقت نفسه قد اعتقل، لا لتحبيذه قتل الطغاة، بل مت أجل احتجاجه على خفض فيليب الثالث لقيمة العملة، وتحذيره من مساوئ التضخم في رسالة قيمة "تزييف العملة" (١٦٢٥). واحتمل ماريانا عناء السجن بطريقة فلسفية، وبقي على قيد الحياة بعد إطلاق سراحه. وتوفي في ١٦٢٤. وهو في سن السابعة الثمانين.

ب- جان بودين

١٥٣٠ - ١٥٩٦

ما أشد الاختلاف بين بودين وماريانا؟ إنه لم يكن لاهوتياً له قدمان في السماء، ولم يكن مناصراً كئيباً للعصبة، ولكن كان من هواة السياسة (مثل ميشيل دي لوبيتال، وهو من أنصار التسامح الديني، وكان مستشاراً لهنري الرابع ومن المعجبين به). ولد جان آنجرز، وربما كانت أمه أسبانية يهودية وجاء إلى باريس ١٥٦٠، واشتغل بالقانون، ولكنه لم يدر عليه ربحاً. وانصرف في لهفة شديدة على دراسة الفلسفة والتاريخ. ودرس في نهم. العبرية واليونانية والألمانية والإيطالية، وكتابات ليفي وتاسيتس والعهد القديم، وشيشرون، ودساتير دول غرب أوربا. وآمن بأن دراسة التاريخ هي بداية الحكمة السياسية. وكان أول ما قدم للطبعة "منهج لتيسير فهم التاريخ" (١٥٦٦). وهو كتاب يجده الطالب تافهاً لا قيمة له ولا متعة فيه محشوا بالتنميقات البلاغية، والأطناب الممل. إن العقل الفلسفي لا يتم نضجه مبكراً. لقد اعتقد بودين وهو في السادسة والثلاثين أن التاريخ يوحي إلينا بالفضيلة عن طريق الكشف عن هزائم الأشرار وانتصارات الأخيار (٥٩)، ومع ذلك فإن الكتاب يعتبر بعد- "مقالات ميكيافللي"- أول كتاب هام في فلسفة التاريخ.

وفي هذا الكتاب، وفي كتاب "الجمهورية" الذي جاء بعده- وقبل قرن ونصف قرن من ظهور فيكو ومونتكيو- نجد تفكيراً منهجياً منتظماً في