ريشليو المسيطرة، فكافأه هذا على إخلاصه بقبعة الكردينالية. وحين حضرت المنية ريشليو، "أكد للملك أنه لا يعرف غير مازاران رجلاً كفوا لملء مكانه"(١). واستمع لويس الثالث عشر إلى النصيحة.
قلما مات هذا الملك المطيع (١٦٤٣) ظل مازاران متوارياً بينما اضطلعت الملكة الأم، آن النمساوية، بالوصاية على ولدها، واحتال لوي دكونديه وجاستون دورليان، الأميران الملكيان، ليصبحا القوة الفعالة وراء العرش ولم يغتفرا للملكة قط أنها تخطتهما واستوزرت ذلك الإيطالي الوسيم، الذي بلغ الآن الحادية والأربعين. وفي غداة تقليده الوزارة هشت باريس لنبأ انتصار روكورا الحاسم، وبدأ حكم مازاران بهذا الاستهلال الميمون، ودعمته الانتصارات الكثيرة سواء في الدبلوماسية والحرب. وقد تبين ذكاؤه في حسن تخيره للسياسات، والقواد العسكريين، والمفاوضين. وبفضل إرشاده وقيادته وطد صلح وستفاليا (١٦٤٨) تفوق فرنسا الذي أكسبه إياها الحرب.
على أن مازاران لم يوهب وحدة الإرادة وقوتها اللتين أوتيهما ريشليو، ومن ثم فقد اعتمد على صبره ودهائه وسحره. وقام أصله الأجنبي عقبة في طريقه. ومع أنه أكد لفرنسا أن قلبه فرنسي وإن كان لسانه إيطالياً، إلا أن تأكيداته لم تحظ قط بالتصديق التام، فلقد كان رأسه إيطالياً، وقلبه ملكاً له. ولا علم لنا كم من هذا القلب اختص به الملكة، إنه خدمها وخدم أطماعه بغيرة، واكتسب ودها، وربما حبها. وكان على يقين من أن سلامته وسلامتها في مواصلة سياسة بناء قوة الملكية تدريجياً ضد أشراف الإقطاع. وفي سبيل الإثراء تحسباً للمستقبل إن سقط، جميع المال بحرص الرجل الذي يذكر الفقر أو يخشاه، فحكمت عليه فرنسا، التي بدأت تعجب بفضيلة الاعتدال، بأنه محدث نعمة، وساءتها لكنته الإيطالية، وأقرباؤه الذين كلفوا الدولة غالياً. لا سيما بنات أخيه، اللاتي تطلب حسنهن جهازاً مترفاً من الخدم أو الحشم. وقد أحتقره الكردينال رتز، مع أن رتز هذا لم