والحديث، فيتكلمون في عبارة واضحة وسليمة، ويتنكبون الحشو والحذلقة، ويناولون جميع الموضوعات مهما اشتد عمقها بمرح خفيف روحاً وعبارة. وكان الاحتداد في الجدل من سوء الأدب. وأما آداب المائدة فأخذت تتحسن. وكان الملك يأكل بإصبعه طوال حياته، ولكن استعمال الشوك كان قد راج، وشاع استعمال نحو ١٦٦٠ فوطة للمائدة. ولم يعد من المستساغ أن يمسح الضيوف أصابعهم في غطاء المائدة.
أما الفضائل الاجتماعية فلم تكن ممتازة في هذا العصر- عصر الأتكيت والبروتوكول. وتضاءل الإحسان بازدياد ثراء الطبقات العليا. وكانت الأخلاق أسلم ما تكون في الطبقات حيث يسر الشعور بالأمن حسن السلوك، وحفزته الرغبة في الارتقاء. وكان المثل الأعلى عند جميع الطبقات هو L'honn (te Homme وليس المقصود بالعبارة الرجل الأمين، بل الرجل الشريف، الذي يجمع بين كرم النشأة والعادات وبين حسن السلوك. أما الأمانة فقلما كان يتوقعها القوم من إنسان. فقد انتشرت الرشوة في المناصب على الرغم من لوائح كولبير ونظام الجاسوسية الملكي، وشجع عليها بيع الوظائف الحكومية مصدراً من مصادر إيراد الدولة. وانبعثت الجريمة من جشع الأغنياء، وفقر الفقراء، والتفجرات الغضبة في جميع الطبقات. وآية ذلك أن من السيدات العريقات النسب من أفدن من خدمات كاترين مونفوازان أو المركيزة برانفلييه، وكلتاهما حذقت تحضير السموم الطويل المفعول، وشاع القتل بالسم شيوعاً اقتضى إنشاء محاكم خاصة لتفصل في قضاياه (٧٤). أما كاترين مونفوازان فقد مارست الطب، والتوليد، والسحر، وساعدت كاهناً مرتداً ترتيل "القداس الأسود" التماساً لمعونة الشيطان، وكانت تدبر إجهاض النساء وتبع السموم وأشربة الغرام. ومن زبائنها أوليمب مانتشيني، ابنة أخت مازاران، والكونتيسة جرامون، ومدام دمونتيسبان خليلة الملك. وفي ١٦٧٩ فحصت لجنة نشاط "لافوازان" ووجدت الأدلة على اشتراك العدد العديد من كبار أفراد الحاشية، الأمر