العبارات: "سأصف نفسي لك أيها القارئ على قدر استطاعتي. لقد كان جسمي حسن التكوين رغم قصر قامتي. ولكن العلة قصرتني بقدم كامل. ورأسي أكبر قليلاً مما يناسب جسمي. ووجهي ممتلئ، أما جسدي فهيكل عظمي. وبصري لا بأس به، ولكن عيني بارزتان، وإحداهما منخفضة عن الأخرى. وقد كونت ساقاي وفخذاي أول الأمر زاوية منفرجة، ثم قائمة، وأخيراً حادة، وتكون فخذاي وجسمي زاوية حادة أخرى، وانحناء رأسي فوق معدتي يجعلني أقرب إلى حرف Z. وقد انكمش ذراعاي كما انكمش ساقاي، وكذلك فعلت أصابعي. جملة القول أنني خلاصة للتعاسة البشرية (١٤٤)".
وقد تعزى عن تعاسته تلك بتأليفه "رواية مضحكة" عن متشرد (١٦٤٩) لقيت نجاحاً كبيراً، وبعرضه هزليات ساخرة صاخبة الفكاهة، فاضحة النكتة. وأكرمته باريس لأنه احتفظ بمرحه وسط آلامه، وأجرى عليه مازاران وآن النمساوية معاشين فقد الحق فيهما لتأييده للفروند. وكسب كثيراً، وأنفق أكثر، وتورط غير مرة في الدين. وكان- وهو مسنود داخل صندوق يطل منه رأسه وذراعاه-يرأس في حيوية وعلم غزير صالوناً من أشهر صالونات باريس. فلما تكاثرت ديونه، كان يتقاضى ضيوفه ثمن طعامهم، ومع ذلك كانوا يأتون.
ترى من يتزوج رجلاً كهذا؟ في سنة ١٦٥٢، كانت فرنسواز دوبينيه التي بلغت السادسة عشرة من عمرها تعيش مع قريبة بخيلة ضنت بالإنفاق عليها حتى لقد اعتزمت أن ترد فرنسواز إلى أحد أديار الراهبات. وقد صديق هذه الفتاة إلى سكارون، فاستقبلها في كرم مؤلم، وعرض أن يدفع نفقات طعامها وسكنها في الدير، لكي يعفيها من نذر الرهبنة، ولكنها أبت. وأخيراً عرض أن يتزوجها، وأوضح لها بجلاء أنه لا يستطيع أن يطالبها بحقوق الزوج. فقبلته، وخدمته ممرضة وسكرتيرة، وقامت بدور المضيفة