في صالونه، وتظاهرت بأنها لا تسمع توريات الضيوف. وكان ذكاؤها يدهشهم حين تشترك في الحديث. وقد خلعت على اجتماعات سكارون درجة من الاحترام كفت لجذب الآنسة دسكودري، ومدام دسفينيه بين آن وآخر، وكان من زوار الصالون قبل ذلك نينون، وجرامون، وسانت- إفرمون. وفي رسائل نينون إلماع إلى أن مدام سكارون لطفت من عذاب هذا الزوج البريء من الجنس بعلاقة غرام، ولكن نينون ذكرت أيضاً أنها "كانت فاضلة لضعف عقلها. لقد أردت شفاءها، ولكنها كانت تخاف الله أكثر مما يجب (١١٥) " وكان وفاؤها لسكارون حديث باريس، المتعطشة دون وعي منها لأمثلة للسلوك الكريم. ولما اشتد عليه شلله تيبست حتى أصابعه وامتنعت حركتها، فعجز عن أن يقلب صفحة أو يمسك قلماً. فكانت تقرأ له، وتكتب ما يمليه عليها، وتقوم على كل حاجاته. وقبل أن يموت (١٦٦٠) كتب فبريته التي قال فيها:
"إن الراقد الآن هنا قد أثار من الشفقة أكثر مما أثار من الحسد، وعانى ألف مرة عذاب الموت قبل أن يفقد الحياة. فيا أيها العابر لا تحدث ضجيجاً، وإياك إياك أن توقظه، فهذه أول ليلة ينام فيها سكارون المسكين".
ولم يخلف لزوجته غير الدائنين. وألقيت "الأرملة سكارون" في خضم الفقر مرة أخرى وهي يعد شابة في الخامسة والعشرين. والتمست من الملكة الأم أن يجدد معاشها الذي ألغي، فرتبت لها آن ألف جنيه في العام. واتخذت فرانسواز حجرة في دير، وتواضعت في عيشها وملبسها، وارتضت القيام بشتى المهام الصغيرة في البيوت الميسورة (١١٧). وفي ١٦٦٧ أرسلت إليها مدام دمونتسبان وهي على وشك الوضع رسولاً يطلب إليها أن تتلقى الوليد المنتظر وتربيه. ورفضت فرنسواز، ولكنها قبلت حين أيد لويس الطلب. وظلت سنوات عديدة بعد ذلك تتلقى أطفال الملك وهم يخرجون إلى النور.