دورين. وحل عقدة التمثيلية لا يصدق، كما هي الحال عند موليير دائماً تقريباً، ولكن هذا لم يقلقه، فبعد أن يقدم صورته واتهامه للنفاق، تكفي أي حيلة مسرحية-كتدخل الإله أو الملك-لحل العقدة بانتصار الفضيلة وعقاب الرذيلة. وأغلب الظن أن الهجاء قصد به جماعة السر المقدس الذين أخذ أعضاؤه على عاتقهم أن يوجهوا ضمائر الناس، حتى ولو كانوا علمانيين، ويبلغوا الخطايا السرية للسلطات العامة ويتدخلوا في شؤون العائلات لزيادة الولاء والإخلاص للدين. وقد أشارت التمثيلية مرتين إلى "عصبة"(في السطرين ٣٩٧ و١٧٠٥)، وواضح أن هذا تلميح إلى عصبة الورعين. وعقب العرض الأول للتمثيلية حلت جماعة السر المقدس.
أما أورجون، البرجوازي الغني، فيرى طرطوف لأول مرة في الكنيسة فينبهر لمرآه.
"آه لو رأيته … إذاً لأحببته كما أحبه … كان يأتي كل يوم إلى الكنيسة هادئ الهيئة ثم يركع بجواري. وقد لفت أنظار المصلين جميعاً بحرارة الابتهالات التي رفعها إلى السماء. كان يتأوه ويئن أنيناً شديداً، وفي كل لحظة يقبل الأرض في تذلل. فإذا شرعت في الخروج تقدمني ليقدم إليّ الماء المقدس عند الباب. وإذا أدركت .. رقة حاله .. كنت أهديه الهدايا، ولكنه كان على الدوام يعرض أن يرد إليّ بعضها .. وأخيراً حفزتني السماء على أن آخذه إلى بيتي، وبدا لي منذ تلك اللحظة أن كل شيء يزكو. وأنا أراه يلوم دون تفرقة بين الناس، وألحظ أنه، حتى فيما يتصل بزوجتي، شديد الحرص على عرضي. فهو ينبئني عمن يرمقها بنظرات الهيام (٢٣) ".
ولكن طرطوف لا يروع زوجة أورجون وأبناءه كما راعه. ذلك أن شهيته الطيبة، وولعه بأطايب الطعام، وكرشه المكور، ووجهه المتورد