ولم تحقق التمثيلية من النجاح إلا قدراً معتدلاً. فالحاشية لم تسغ هجو تظرفها، وجمهور الصالة لم يتحمسوا لرجل كألسيست يحقر كل شيء صراحة إلا نفسها. ولكن النقاد-الذين لا هم من جمهور الصالة ولا من الحاشية-صفقوا للمسرحية استحساناً، وقالوا إنها محاولة جريئة لتأليف مسرحية الأفكار، أما النقاد المحدثون فيرونها أكمل عمل كتبه موليير. وبمضي الزمن، وبعد أن مات جيلها الذي شهرت به، لقيت قبولاً عاماً، ففيما بين عام ١٦٨٠ و١٩٥٤ مثلت ١٥٧١ مرة في الكوميدي فرانسيز-ولم يفقها في حفلات تمثيلها سوى طرطوف والبخيل.
ولما عجز موليير عن العيش في سلام مع زوجة شابة بدا لها الاقتصار على زوج واحد، والجمال، أمرين متناقضين، هجرها (أغسطس ١٦٦٧) وذهب ليعيش مع صديقه شابلان في أونوى بالطرف الغربي لباريس. وقد استخف به شابلان في رفق لأنه يأخذ الحب مأخذ الجد إلى هذا الحد، ولكن موليير كان شاعراً أكثر منه فيلسوفاً. وقد اعترف بهذا (إذا صدقنا شاعراً يروي عن آخر):
"لقد صممت على أن أعيش معها كأنها ليست زوجتي، ولكن لو علمت ما أكابد لأشفقت عليّ. فلقد بلغ بي الغرام بها مبلغاً يجعله يتغلغل بعطف في كل اهتماماتها. وحين أتأمل استحالة تغلبي على ما أحس به نحوها، أقول لنفسي إنها ربما تكابد نفس المشقة في التغلب على ميلها لأن تكون لعوباً، وعندها أجد نفسي أميل للشفقة عليها مني للومها. ستقول لي ولا ريب إن الرجل لابد أن يكون شاعراً لكي يحس بهذا، ولكني شخصياً أحس أنه ليس هناك سوى نوع واحد من الحب، وأن أولئك الذين لم يحسوا بهذه الخلجات لم يحبوا حباً صادقاً قط. فكل الأشياء في الدنيا مرتبطة بها في قلبي … وحين أراها يجردني من كل قدرة على التفكير ضرب من الانفعال، بل نشوات تحس ولا توصف، فلا تعود لي عينان