للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تبصران سوءاتها، ولا أرى غير كل جميل محبب فيها. أليس هذا منتهى الجنون (٣٩)؟ ".

وقد حاول أن يسلوها بإغراق نفسه بعمله. ففي ١٦٦٧ شغل نفسه بتنظيم حفلات الترفيه للملك في سان-جرمان. وأحيت ملهاته "أمفيتريون" (١٣ يناير ١٦٦٨) من جديد غراميات جوبيتر الذي يغوي الكمين زوجة أمفيتريون. وحين قال لها جوبيتر "إن مقاسمة المرأة جوبيتر فراشها ليس فيها أي غض من شرفها" فسر كثير من السامعين العبارة بأنها تصفح عن غرام الملك بمدام دمونتسبان، فإذا كان هذا التفسير صحيحاً فهو تملق غاية في السخاء، لأن موليير لم يكن مزاجه آنذاك يسمح له بالتعاطف مع من يغوون الزوجات. لقد كان ككل إنسان آخر يداهن الملك بعبارات الزلفى كما فعل في خاتمة طرطوف. وفي ملهاة أخرى مثلت أمام البلاط في ١٥ يوليو، واسمها "جورج داندان، أو الزوج المبلبل" تطالعنا مرة أخرى قصة الزوج المبلبل، الذي يتهم زوجته بالزنا ولكنه لا يستطيع إثبات التهمة فيأكل قلبه بالشك والغيرة؛ لقد كان موليير يسكب الملح في جراحه.

وكان عاماً حافلاً بالعمل، فبعد بضعة أشهر لا أكثر (٩ سبتمبر) أخرج واحد من أشهر تمثيلياته وهي "البخيل". وقد اتخذت موضوعها وجزءاً من حبكتها من مسرحية بلوتوس "أولولاريا" ولكن بلوتوس كان قد نقل مسرحيته عن "الملهاة الجديدة" عند اليونان. وأغلب الظن أن البخيل وهجوه القديمان قدم المال، ولكن أحداً لم يتناول هذا الموضوع بحيوية وقوة أكثر من موليير. فترى آرباجون يتعلق بماله تعلقاً يحمله على ترك خيله تتضور جوعاً وتسير بغير حوافر، وهو يكره العطاء كراهية تجعله لا "يعطيك" نهاراً سعيداً (أن يقرئك التحية) بل "يقرضك نهاراً سعيداً". وحين يرى شمعتين موقدتين استعداداً للعشاء يطفئ إحداهما.