"إن ابنتكما الصغيرة تغدو محببة للنفس … بيضاء كالثلج، ضاحكة على الدوام … ولون بشرتها، وعنقها، وجسدها الصغير-كلها عجيب. وهي تقوم بعشرات الحركات الصغيرة-تثرثر، وتلاطف، وتضرب، وترسم علامة الصليب، وتطلب العفو، وتنحني، وتقبل يدها، وتهز كتفيها، وترقص، وتتملق، وتشد الأذن … وأنا ألهو معها ساعات بطولها (٦٥) ".
وقد ذرفت الجدة دموعاً كثيرة لتدع هذه العجيبة الريانة البدن تذهب إلى بوفانس، ودموعاً أكثر حين أودعها الأبوان ديراً وهي لم تتجاوز الخامسة، ولم تعد الطفلة بعدها، ففي الخامسة عشرة قطعت على نفسها عهد الرهبنة واختفت من العالم.
وكان نائب الحاكم رجلاً متلافاً، يولم الولائم فوق ما يسمح به مركزه. وكانت زوجته تنبئ أمها بانتظام بما تتوقعه من قرب إفلاسهما، أما الأم فكانت توبخهما في محبة وترسل لهما المبالغ الكبيرة من المال "كيف، بحق محبة الله والناس، يستطيع إنسان أن يحتفظ بهذا القدر الكبير من الذهب والفضة والحلي والأثاث وسط الفقر المدقع الذي ابتلي به من يحيط بنا من الفقراء في هذه الأيام (٦٦) ". ورغبة في الاحتفاظ بقدرتها المالية بعد هذه الاستقطاعات، كانت مدام دسفينييه تعنى بتفقد أملاكها في لي روشيه بإقليم بريتني لتستوثق من أنها تلقى الرعاية الواجبة، ومن أن ريعها يصلها بعد اختلاسات معقولة. ووجدت سعادة جديدة في الحقول، والغابات، وفلاحي بريتني، وكتبت عنهم بنفس الحيوية التي كتبت بها عن المجتمع الباريسي الذي كانت له أشبه برسالة نصف أسبوعية لابنتها.
وكان ابنها مشكلاً من نوع آخر. فهي شديدة التعلق به لأنه فتى طيب، يملك كما قالت "معيناً من الذكاء وروح الفكاهة … وقد ألف أن يقرأ علينا فصولاً من رابليه يكاد يموت السامع من الضحك عليها"(٦٧). وكان شارل ابناً مثالياً، إلا إذا استثنينا ترسمه خطى أبيه في التنقل من إغراء إلى إغراء، إلى أن-ولكن لندع مدام دسفينيه، وهي تكتب