لابنتها، تتحمل تبعة باقي القصة، فلا شيء أكثر إيضاحاً لطابع العصر:
"بقيت كلمة أو كلمتان عن شقيقكِ … فبالأمس أراد أن يقص عليّ نبأ حادث مروع وقع له. ذلك أنه صادف لحظة سعيدة، ولكن حين وصل إلى بيت القصيد-كان شيئاً عجيباً! فإن الفتاة المسكينة لم يرفه عنها أحد في حياتها قط بمثل هذا، أما الفارس فقد تقهقر بعد أن هزم شر هزيمة، وظن أن سحراً ألقي عليه، وألطف ما في القصة أنه لم يشعر بالراحة إلا بعد أن أنبأني بكارثته. وضحكنا عليه حتى استلقينا، وقلت له أنني مغتبطة جداً لأنه عوقب حين أثم ..... لقد كان منظراً يستحق أن يسجله موليير (٦٨) ".
وأصيب الفتى بالزهري، فعنفته؛ ولكنها مرضته في حب. وحاولت أن تبث فيه شيئاً من الدين، ولكن نصيبها من الدين كان من الضآلة بحيث لم تستطع أن تعطيه الكثير منه. وقد تأثرت بمواعظ بوردالو، وخبرت دفقات فجائية من التقوى، ولكنها كانت تبتسم حين ترى المواكب الدينية التي أبهجت أهل المساكن الفقيرة. وقرأت آرنو، ونيكول، وبسكال، وتعاطفت مع ألبور-رويال، ولكن صدها تركيزهم على تجنب الهلاك الأبدي، ذلك أنها لم تستطع أن تقنع نفسها بالإيمان بالجحيم (٦٠). وكانت على العموم تجفل من التفكير الجاد، فمثل هذه الأمور ليست للنساء، ومن شأنها أن تعكر جمال الحياة الوادعة. ومع ذلك كانت ذواقة في قراءاتها-تقرأ فيرجل وناسيتوس والقديس أوغسطين باللاتينية، ومونتيني بالفرنسية، وتعرف مسرحيات كورنبي وراسين معرفة وثيقة. أما فكاهتها فكانت أعمق وأبهج من فكاهة موليير. فلنستمع إليها تتحدث عن صديق مدمن للتأمل الشارد:
"انقلب برانكا قبل أيام في مصرف وجد نفسه فيه مرتاحاً جداً حتى لقد سأل من سارعوا ليخرجوه منه أبهم حاجة إلى خدماته. وقد كسرت نظارته، ولولا أن حظه كان خيراً لكسر رأسه أيضاً، ولكن هذا كله لم يقطع تأملاته قط. وقد أرسلت له كلمة هذا الصباح … أنبئه