الذين فضلهم على نظرائهم القدامى، فقال للأكاديمية أن من العار الاستماع إلى هذا اللغو. وحاول راسين أن يخمد النار بزعمه أن بيرو كان (١١٠) يمزح، ولك نبيرو أحس أن لديه موضوعاً مجزياً. فعاد إلى المعركة في ١٦٨٨ بكتابه "نظائر القدامى والمحدثين" وهو حوار طويل حيث يؤيد تفوق المحدثين في العمارة والتصوير والخطابة والشعر-وذلك باستثناء الإنياذة، التي هي في رأييه أروع من الإلياذة والأوديسة أو أي ملحمة أخرى. وقد ناصره فونتيل بذكاء وبراعة، أما لابرويير ولافونتين وفينيلون فوقفوا في صف بوالو.
لقد كان شجاراً صحياً، عين نهاية نظرية "الانحطاط" المسيحية الوسيطة، ونهاية تواضع النهضة والحركة الإنسانية أمام الشعر والفلسفة والفنون القديمة. وكان هناك اتفاق عام على أن العلم قد تقدم متجاوزاً أي مرحلة أدركها اليونان أو الرومان، وحتى بوالو اعترف بهذا، وسلم بلاط لويس الرابع عشر في غير تردد بأن فن الحياة لم يطور قط من قبل بمثل هذا الجمال الذي طور به في مارلي وفرساي. ولن نزعم أننا فاصلون في هذه المشكلة، فلنتركها الآن حتى نعرف كل جوانب هذا العصر في أوربا بأسرها. ولا حاجة بنا إلى الإيمان بأن كورنبي كان متفوقاً على سوفوكليس، أو راسين على يوربيديس، أو بوسويه على ديموستينيس، أو بوالوا على هوراس؛ وما ينبغي أن نسوي بين اللوفر والبارثينون، أو بين جيراردون وكوازفوكس وبين فيدياس وبراكستيليس. ولكن من اللطيف أن نعرف أن هذه المفاضلات تقبل المناقشة، وأن تلك النماذج القديمة لا تمتنع على المنافسة.
لقد وصف فولتير عصر لويس الرابع عشر بأنه "أكثر العصور التي شهدها العالم استنارة (١١١) " دون أن يتوقع أن عصره هو سيسمى "عصر التنوير". ولكن ينبغي أن نخفف من غلو هذا الإطراء. فالعصر من الناحية الرسمية كان عصر ظلامية وتعصب بلغا أوجهما في إلغاء مرسوم نانت الرحيم، و"التنوير" كان وقفاً على قلة قليلة لم يرضَ عنها البلاط وعابها سرفها الأبيقوري أحياناً. والتعليم كان يهيمن عليه أكليروس ملتزم بعقيدة العصر