للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متسع من الوقت للميتافيزيقا أو المراقص أو الصالونات، وعلى أية حال لا ضير في أن ترجأ هذه الأشياء غير الملموسة. أما الآن فمهمته أن يدخل صنائع الغرب وعلومه العملية إلى روسيا "حتى إذا تمكنا منها تمكناً كاملاً استطعنا عند عودتنا إلى الوطن أن ننتصر على أعداء يسوع المسيح (٢٢) " وهو يقصد الاستيلاء على الآستانة وإطلاق روسيا من سجنها لتعبر البوسفور إلى العالم.

وبعد أن قضي في هولندة أربعة شهور طلب إلى وليم الثالث الأذن له بزيارة إنجلترا، شبه متنكر أيضاً. وبعث وليم باليخت الملكي ليأتي به، ووصل بطرس إلى لندن في يناير ١٦٩٨. ومع أن الوقت كان شتاء فإنه زار أرصفة الموانئ والمؤسسات البحرية، والجمعية الملكية، ودار ضرب النقود، ولعله التقى بنيوتن هناك. وقلب ايفلين بيته وهيأ أرضه بعناية في دبتفورد لبطرس وجماعته، وقد منحت الحكومة الإنجليزية السر جون بعد ذلك ٣٥٠ جنيهاً ليصلح التلف الذي أحدثته الروس. وأدهش القيصر جيرانه بالذهاب إلى فراشه مبكراً، والاستيقاظ في الرابعة، والسير إلى أحواض السفن يحمل على كتفه بلطة وفي فمه "بيبة". واتخذ ممثلة كبيرة خليلة له، وقد شكت من ضآلة المال الذي نقدها إياه. وتسلم درجة الدكتوراه في القانون في أكسفورد، وحضر الخدمات البروتستنتية في لياقة توقع معها القساوسة الإنجليز أنه سيحول روسيا إلى حركة الإصلاح البروتستانتي. وحاول الأسقف بيرنت التأثير عليه، فوجده محباً للاستطلاع ولكنه لا يلتزم بموقف متميز، وخلص إلى أن القيصر "هيأته الطبيعة فيما يبدو لأنه يكون نجار سفن أكثر منه ملكاً عظيماً (٢٣) ".

وأبحر بطرس عائداً إلى أمستردام بعد أن أنفق أربعة أشهر في إنجلترا، وانضم إلى بعثته، وواصل معهم رحلته إلى فيينا مروراً بليبزج ودرسدن (٢٦ يونيو ١٦٩٨). وعبثاً حاول، طوال شهر نفد خلاله صبره، أن يضم الإمبراطور إليه في حلف ضد تركيا. وقد تلطف مع اليسوعيين الذين بدأوا يحملون بروسيا الكاثوليكية الرومانية. وبينما هو على وشك مغادرة فيينا، وصلته رسالة تنبئه بأن حامية موسكو تمردت، وأنها تهدد بالاستيلاء على موسكو وعلى مقاليد الحكم. فخف