أما بطرس فقد رمز إلى الصراع وزاده حدة بالعودة إلى الغرب مرتين. ففي خريف ١٧١١ ذهب إلى ألمانيا ليرأس في تورجو مراسيم زواج ابنه. وهناك استقبل ليبنتز، الذي اقترح عليه إنشاء أكاديمية روسية كان يرجو الفيلسوف المتعدد المواهب أن يرأسها. وعاد القيصر إلى سانت بطرسبورج في يناير ١٧١٢، ولكنه في أكتوبر، وسط حملة شنها إلى السويد، استشفى بمياه كرلسبارد، وزار فتنبرج. وأخذه بعض القساوسة اللوثريين إلى البيت الذي قذف فيه لوثر محبرة على الشيطان، وأروه الحبر على الحائط، وطلبوا إليه أن يكتب تعليقاً عليه، فكتب "إن الحبر جديد تماماً، فواضح إذن أن القصة غير صحيحة (٣٠) ". وعاد بطرس إلى عاصمته الجديدة في أبريل ١٧١٣. وفي فبراير ١٧١٦ انطلق إلى الغرب مرة أخرى، فزار ألمانيا وهولندة، وفي مايو ١٧١٧ بلغ باريس آملاً أن يزوج ابنته اليزابيث للويس الخامس عشر. ولما التقى بطرس بالملك الصبي ذي السبعة الأعوام، رفعه ليقبله، وبعد أيام، حين كان لويس يستقبله أمام القصر الملكي، رفعه بطرس كأنه طفل وحمله صاعداً السلم مما جعل أفراد الحاشية يرتعدون. وأنفق في باريس ستة أسابيع متفرجاً، مستوعباً كل جوانب الحياة في المدينة- السياسية، والاقتصادية، والثقافية. وصوره الرسامان ريجو وناتييه. وزار مدام دمانتنون العجوز في سان- سير. ومن باريس ذهب إلى سبا، وظل خمسة أسابيع يشرب المياه هناك، لأنه كان إذ ذاك يشكو عللاً كثيرة- ولحقت به زوجته كاترين في برلين. واكتشفت أن له خليلة، ولكنها اغتفرت ذلك جرياً على أرقى تقاليد البيوت المالكة الأوربية. فلما وصل إلى سانت بطرسبورج (٢٠ أكتوبر ١٧١٦) واجه أزمة من أسوأ الأزمات في حياته.
ذلك أن ابنه ألكسيس، الذي كان يرجو أن يورثه ملكه ويترك له المضي قدماً في إصلاحاته، انتهى إلى كره الكثير من تلك البدع، وكره الأساليب التي كانت تفرض بها فرضاً. وكان في بدنه وعقله ابن يودوكسيا أكثر منه ابن بطرس. وكان ضئيل الجسم، هياباً، ضعيفاً، ولوعاً بالكتب، مخلصاً للكنيسة الأرثوذكسية، لأنه ربي على التقوى بينما كان بطرس منطلقاً إلى الحرب والغرب. وحين بلغ ألكسيس