المركزية السلطة؟ وبدأ فردريك وليم بخطو واردة هما أول دعامات الحكم الكفء، ثم جمع بالضرائب والإعانات الفرنسية المال الذي هو ثاني دعامات الحكم الكفء، وبالمال نظم جيشاً، هو ثالث دعامات الحكم الكفء، فما حل عام ١٦٥٦ حتى كان له أول جيش دائم في أوربا-عدته ثمانية عشر ألف مقاتل شاكي للسلاح. وبهذه الوسيلة من وسائل الإقناع أقنع الولايات المكونة لدولته أن تدفع "اشتراكاً" سنوياً في نفقات الحكومة المركزية ببرلين، وبهذه الموارد أصبح مستقلاً عن سلطان المال في المجالس الإقليمية، وحقق ما كان في رأيه الشكل العملي الوحيد للحكومة في المرحلة الراهنة من مراحل التطور السياسي والفكري-وهو الحكم المطلق الممركز. وأعفى النبلاء من الضرائب المباشرة، ولكنه ألزم أبناءهم خدمته نبلاءً صغاراً "يونكر" في وظائف الجيش والإدارة العليا. وكره هؤلاء "الصغار" هذه الخدمة أول الأمر ولكنه خلع عليهم الثياب العسكرية الفاخرة والمركز الاجتماعي المرموق، ودربهم على الكفاية وعزة النفس، وربى فيهم "روح الفريق" التي حلت محل ولاءات النظام القديمة الإقطاعية، والتي جعلت الجيش خادماً لا لملاك الأراضي بل للحكومة. وهكذا بدأ الجهاز العسكري والاجتماعي الذي مكن لفردريك الأكبر أن يثبت لنصف أوربا، والذي أعد ألمانيا لخوض الحرب العالمية الأولى.
على أن فردريك وليم أعوزته صفة واحدة-هي عبقرية ملوك السويد الحربية. فقد ظل عشرين عاماً ينقل قوته من جانب الأجانب في صراعات السويد مع بولندة، والإمبراطورية مع فرنسا، حافظاً بالجهد كيانه بالدبلوماسية. ولكن حين غزا شارل الحادي عشر براندنبورج، برر جيش فردريك وليم وجوده بعزيمة السويديين في فيربللين (١٦٧٥)، وهذا النصر هو الذي أكسبه لقب الناخب الأكبر. وفي خاتمة المطاف، ورغم سياساته المتقلبة وموارده الضيقة، أضاف لدولته أربعين ألف ميل مربع من الأرض.
بيد أن إصلاحاته الاقتصادية والإدارية كانت أهم-فبفضل حضه حسن الإشراف وسائلهم الزراعية وزادوا من غلة ضياعهم. وقد طور صناعة ناجحة للحرير بزرع أشجار التوت على نطاق واسع. وقلب الاتجاه إلى اقتلاع أشجار الغابات، فاشترط على الفلاحين أن يغرس