للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع تقدم العمل. ولم يزعم قط أنه كتب دائرة معارف، فلم يتعرض لشيء ليس لديه ما يقول عنه. ومن ثم يتضمن "القاموس" أية مقالات عن شيشرون، بيكون، مونتاني، جاليليو هوراس، نيوتن، توماس مور، وأغفل العلم والفن إلى حد كبير، ومن ناحية أخرى كانت هناك مقالات عن الأفذاذ غير البارزين مثل أكيبا، وأوربيل اكوستا، وايزاك أبرابانل. ولم تخصص المساحات الكبيرة طبقاً للأهمية التاريخية، بل تبعاً لرغبة وهوى بيل نفسه، وعلى هذا فإن ارزم الذي خصص له موربري صحيفة واحدة، أفرد له بيل خمس عشرة صحيفة، كما أفرد لأبيلارد ثمان عشرة. وكان الترتيب أبجدياً، ولكنه أشبه بترتيب التلمود، وكانت الحقائق الأساسية مثبتة في النص، ولكن في كثير من الأحيان أضاف بيل حاشية في حروف صغيرة، أطلق فيها لنفسه العنان للدخول "في متاهة من البراهين والمناقشات .. بل في بعض الأحيان مجموعة كبيرة من تأملات فلسفية". وفي وسط هذه الحروف الصغيرة الدقيقة ستر بيل هرطقاته عن النظرة العامة. وأثبت مراجعه في الهوامش، وهذه في جملتها تنبوء عن سعة إطلاع ودرس يندر أن تتسع لهما حياة فرد. وتضمنت بعض الحواشي التي كتبها بيل بعض النوادر المكشوفة البعيدة عن الاحتشام، أملاً في أن يزيد هذا من مبيعات الكتاب. ولكن لا ريب في أنه وجد فيها هي نفسها متعة لشخصه وهو وحيد عاكف على الدرس والبحث. وأولع القراء مقدرين شاكرين، بأسلوبه اللاذع الأنيق المتجول بين أبواب المعرفة، وعرضه الماكر لنقاط الضعف في المذاهب الدينية السائدة، واعترافاته الصريحة الجريئة بالعقيدة الكلفنية الصحيحة. وبيعت الطبعة الأصلية وعددها ألف نسخة عن آخرها في أربعة أشهر.

وكانت طريقة بيل هي أن يوازن بين المراجع، ويتتبع الحقائق ويشرح الآراء المعارضة والمتناقضة، وكان يتمشى مع العقل إلى آخر الشوط حتى إذا لم تلتئم النتائج التي يتوصل إليها مع العقيدة الصحيحة أو أساءت إليها نبذ النتائج في تقي وورع. انحيازاً إلى جانب الأسفار المقدسة والإيمان. وتساءل جوريو غاضباً "إذا عرضت عبارة أو لفظة تؤيد الإيمان ضد العقل. فهل لها أن تحمل الناس على التخلي عن الاعتراضات التي قال بيل بأنه لا سبيل إلى دحضها (٢٣) ". وفيما