عدا هذا فإن ترتيب القاموس هزيل. وتندرج بعض أبحاثه الكبرى تحت موضوعات تافهة أو عناوين مضللة. "أنا لا أستطيع أن أطيل التأمل في موضوع واحد بانتظام شديد، فأنا مولع أشد الولع بالتغيير، وغالباً ما أتحول عن الموضوع، وأقفز إلى مواضع قد يكون من الصعب تلمس الخروج منها (٢٤). وكانت المناقشة عادة مهذبة متواضعة بعيدة عن التزمت ودية، ومهما يكن من أمر، فإن بيل كان من حين لآخر، لاذعاً حاد اللسان، ومن ذلك أن مقاله عن القديس أوغسطين لم يغفر للكلفني العظيم طول انصرافه عن العفة ولاهوته الكئيب وتعصبه الديني. وأعلن بيل ارتضاءه الكتاب المقدس على أنه كلمة الله، ولكنه أشار في خبث إلى أنه يجدر بنا ألا نؤمن إطلاقاً ببعض قصص المعجزات إلا إذا صدرت عن شخصية ممتازة. ووضع بعض الأساطير الوثنية-إبتلاع الحوت لهركيوليز مثلاً-جنباً إلى جنب مع القصص المماثلة في الكتاب المقدس، ثم ترك القارئ في حيرة: لماذا نرفض قصة ونقبل أخرى. وفي واحدة من أشهر مقالاته أنكر مذابح الملك داود وخياناته واغتصابه للنساء. وترك القارئ يعجب ويتساءل: لماذا يمجد المسيحيون مثل هذا الوغد المتوج بأنه من أجداد المسيح.
ووجد بيل أنه من الأيسر عليه أن يبتلع يونس والحوت معاً (أن يصدق القصة) عن أن يقبل سقوط آدم وحواء. كيف يتسنى لرب قدير أن يخلقهما وهو يعلم سلفاً أنهما سيلطخان الجنس البشري كله بخطيئتهما الأولى ويلحقان به من البؤس والشقاء ما لا يحصى ولا يقدر:
إذا كان الإنسان مخلوقاً من أصل غاية الطيبة، بالغ القداسة، قديراً غاية القدرة، فهل يمكن أن يتعرض للأمراض، للحر والبرد، للجوع والعطش، للألم والحزن؟ وهل يمكن أن يكون لديه مثل هذه النزعات السيئة الكثيرة؟ وهل للقداسة الكاملة أن تنتج مخلوقاً مجرماً؟ وهل لهذا الخير التام أن ينجب مخلوقاً تعساً؟ هلا يتسنى لهذه القدرة؟ مع الخير الذي لا حدود له، أن تزود خلقها بأفضل الأشياء في وفرة وسخاء وتباعد بينه وبين كل عدوان أو إزعاج وإساءة (٢٥)؟.