للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انفجار الغازات التي تحت الأرض، مخلفة صخوراً بركانية. وأوردت نفس الرسالة تفسيراً بارعاً للأحافير أو المستحاثات (٨٢)، وخطت نحو نظرية للتطور. وبدا له "جديراً بالاعتقاد، أنه من خلال هذه التغييرات البعيدة المدى" في القشرة الأرضية"، "تحولت مرات ومرات حتى أجناس الحيوان (٨٣) ". وقال بأنه من المحتمل أن أقدم الحيوانات الأولى كانت بحرية، انحدرت منها البرمائيات والحيوانات البرية (٨٤). ورأى ليبنتز-مثل بعض المتفائلين في القرن التاسع عشر-، في هذا التحول التطوري، أساساً للاعتقاد "بتقدم الكون تقدماً متصلاً لا يعوقه شيء .... لن يقف التقدم عند حد أبداً (٨٥) ".

وانتقل ليبنتز من علم الحياة (البيولوجيا) إلى القانون الروماني، ومنه إلى فلسفة الصين. وأفادت رسالته "آخر الأخبار من الصين" ١٦٩٧ في لهف شديد، من تقارير التي كان يرسلها المبشرون والتجار من "المملكة الوسطى". ورأى أنه من الجائز أن يكون الصينيون قد وصلوا في الفلسفة والرياضة والطب إلى كشوف يكون فيها أكبر العون للحضارة الغريبة. وحث على إقامة روابط ثقافية مع روسيا، لتكون من ناحية، وسيلة لبدء الاتصال الثقافي مع الشرق. وتبادل ليبنتز الرسائل مع الباحثين ورجال العلوم ورجال السياسة والحكم في عشرين بلداً بثلاث لغات. وكتب نحو ثلاثمائة رسالة في العام. و ١٥ ألفاً منها محفوظة (٨٦). وقد تنافسه رسائل فولتير من حيث الكم، لا من حيث التنوع الفكري. واقترح ليبنتز ندوة عالمية ثقافية يتبادل رجال العلم والمعرفة عن طريقها، أفكارهم وآراءهم ويعرضونها للبحث والمقارنة (٨٧)، وعمل على إيجاد لغة عالمية-"حروف عالمية" يكون فيها لكل فكرة في الفلسفة والعلوم رمزاً وحرف خاص، حتى يتمكن المفكرون من معالجة هذه الأفكار بهذه المجموعة من الرموز، مثلما استخدم الرياضيون العلامات للكميات. وبهذا اقترب من تأسيس المنطق الرياضي والرمزي (٨٨). وبشيء من هذا العبث اللطيف وزع ليبنتز نفسه بين مجالات كثيرة إلى حد أنه لم يكن يترك وراءه إلا قصاصات أو شذرات.

ولم يجد فيلسوفنا الشغوف بالعلم المتعدد جوانب المعروفة فسحة من الوقت للزواج. وأخيراً وهو في سن الخمسين فكر في الزواج،