كانت مدام دي مينتنون امرأة على جانب كبير من الذكاء الذي احتملته الرفقة الطيبة التي عاشت بين ظهرانيها أولاً، ولكن تألقت فيها سريعاً، وصقلتها كثيراً وزودتها بزينة المعرفة الدنيوية، التي جعلتها الكياسة البالغة من أكثر ألوان المعرفة استساغة وقبولاً. وجعلتها المناصب المختلفة التي شغلتها مداهنة متملقة راضية تسعى دائماً إلى إرضاء الناس. أن حاجتها إلى الدسائس، وأولئك الذين التقت بهم من كل الأنماط، واختلطت بهم من أجل شخصها ومن أجل الآخرين، أضفوا عليها ذوقهم وعاداتهم. أن كياسة لا تضاهى وسلوكاً هيناً ليناً رضياً، ولكنه كدروس، يدعو إلى الاحترام، وكأنه نتيجة لطول خمول ذكرها قد أصبح أمراً طبيعياً بالنسبة لها، كل أولئك ساعد على تنمية مواهبها بشكل عجيب، إلى جانب لغة مهذبة محكمة حسنة للتعبير، فصيحة موجزة بشكل طبيعي. أما أسعد أيامها، حيث كانت تكبر الملك بثلاث أو أربع سنوات، فكانت فترة التودد ومطارحة الغرام والمغازلة الرقيقة .... وبعدها أحاطت نفسها بهالة من الأهمية وجلال الشأن. وتقلص ظل هذه تدريجياً لتحل محلها هالة من التقوى أحاطت بها نفسها بطريقة تدعو إلى الإعجاب. ولم تكن نزاعة إلى الخداع والغدر، ولكن الحاجة ألجأتها إلى أن تكون كذلك. وجعلها طيشها الطبيعي تبدو مخادعة ضعف ما هي عليه في حقيقة الأمر (١٠).
وأثار بعد الشقة في نفس ماكولي شيئاً من الشفقة، فنظر إلى مدام دي مينتنون نظرة أكثر اتساماً بالشهامة والاحترام، وربما أحس بأنه يمكن أن يغتفر الكثير لسيدة كانت "تمتاز بالفصاحة والإيجاز معاً:
أنها حين جذبت انتباه مليكها، لم تكن في وضع تستطيع معه أن تتيه عجباً بشبابها أو بجمالها، ولكنها، وبدرجة غير عادية، كانت تتمتع بتلك المفاتن الأبقى على الزمن، والتي يقدرها أعظم التقدير الرجال الذين يتحلون بحسن