وكان فيليب-من الناحية السياسية-حاكماً متحرراً مستنيراً حتى حين زج بفولتير في السجن. وكان يفسر قوانينه للشعب بعبارات بلغت من الاعتدال والإخلاص مبلغاً حداً بميشليه إلى أن يرى فيها أرهاصاً بجمعية ١٧٨٩ التأسيسية (٣٦). وامتلأت مكاتب الحكومة بالرجال الأكفاء دون نظر إلى عدائهم للوصي ذاته، فعين رجل كان قد هدده بالاغتيال رئيساً لمجلس المالية (٣٧)، أما فيليب، الذي كان بطبعته أبيقورياً-فكان يظل رواقياً حتى الخامسة مساءً، يقول سان-سيمون أنه كان إلى تلك الساعة "ينصرف بكليته إلى أعمال الدولة، واستقبال الوزراء والمجالس الخ. ولا يتناول طعامه أبداً خلال ذلك النهار، بل يكتفي بتناول الكاكاو بين الثانية والثالثة، حين يسمح للجميع بدخول غرفته … وقد أبهجت الناس جداً ألفته وسهولة الوصول إليه، ولكنهم أساءوا استعمالهما (٣٨) ". وكان فليب أورليان، دون سلائل هنري الرابع جميعاً، أي جميع البوربون، في رأي فولتير "أشبههم بذلك الملك في شجاعته، وطيبة قلبه، وصراحته، ومرحه، وبشاشته، وسهولة الوصول إليه، مع فهم أكثر تهذيباً وصقلاً (٣٩) ". وكان يربك السفراء والمستشارين بمعارفه الواسعة، وفكره الثاقب، وحكمه الصائب (٤٠). ولكنه شارك الفلاسفة ضعفهم-وهو القدرة والرغبة في رؤية جوانب كثيرة جداً للموضوع الواحد، بحيث يضيع الوقت في النقاش ويؤجل العمل الحاسم.
ولم يكن على سماحته يطيق أي اختزال للسلطة الملكية التقليدية. فلما رفض البرلمان-الذي أراد استخدام حق الاعتراض الذي وعده به- أن يسجل بعض مراسيمه (أي أن يعتبرها ضمن قوانين البلاد المعترف بها)، دعاه (٢٥ أغسطس ١٧١٨) إلى "سرير عدالة" مشهور- وهي جلسة يمارس فيها الملك وهو جالس على "سرير" القضاء سلطته في الإلزام بتسجيل مرسول ملكي. ومضي القضاة البالغ عددهم ١٥٣، وقورين مهيين في عباءاتهم القرمزية، إلى التويلري سيراً على الأقدام. وإتباعاً لتعليمات فليب، أمرهم الملك الصبي بتسجيل مراسيم الوصي، ففعلوا. وانتهز فرصة مواصلة دوق ودوقة مين معارضته سواء في المجلس الملكي أو بالتآمر عليه، فحرم أبناء الملك وحفدته غير الشرعيين من وضعهم كأمراء من الدم الملكي. ورد