المعاشات على الفنانين والعلماء والأدباء، وهيأ لهم غرفاً في القصور الملكية، وكان يحب أن يتكلم مع هؤلاء الرجال على مهنهم المختلفة. ولم تؤت تدابيره وإصلاحاته ثمارها كاملة من جراء كبوس الدين وانهيار ثورة لو المالية من جهة، وعيوب الوصي البدنية والخلقية من جهة أخرى.
ومن أفجع المآسي في تاريخ فرنسا أن هذا الرجل الذي وهب الكثير من فضائل الذهن والقلب لوثه وأضعفه فجور طبقته وفسق جيله. فهذا الابن الذي أنجب أب منحرفاً جنسياً، ورباه رجل فاجر من رجال الكنيسة، شب وهو يكاد أن يكون عاجزاً عن كبح جماح شهوة الجنس التي انغمس فيها. أقول دكلوا "كان يمكن أن تكون له فضائل إذا كانت الفضائل ميسورة لإنسان بغير مبادئ (٤٣) ". وإذ كان قد أكره على الزواج من ابنة غير شرعية للويس الرابع عشر، وافتقد الحب أو السلوى في زوجته، فإنه أولع بالسكر الكثير، وبمعاشرة الخليلات في إسراف لم يعدله فيه حاكم خارج حريم السلاطين. واختار أصدقاءه من بين المعربدين الذين كان يصفهم بكلمة nou (s ( أي الفاسقين)، والذين كانوا ينفقون الثروات على الفجور، ويؤثثون بيوتهم بالفن الغالي ويزودونها بالمثيرات الجنسية (٤٤). وكان فليب يلحق بأصحابه في الباليه-رويال، أو في فللته في سان-كلو، ومعظمهم من شباب الأشراف، وفيهم أيضاً بعض الإنجليز المثقفين أمثال اللوردين ستير وستانهوب-في حفلات عشاء صغيرة تختلط فيها النساء المثقفات كمدام دوديفان بالممثلات ومغنيات الأوبرا، والخليلات، في توفير إثارة الأنثى لذكاء الرجل. يقول سان-سيمون، ربما في شيء من التلوين المنافق:
"في هذه الحفلات كانت تعرض أخلاق كل إنسان، الوزراء وأصحاب الحظوة كغيرهم سواء بسواء، بحرية هي الإباحة المطلقة: غزليات البلاط والمدينة في الماضي والحاضر، وكل قديم من القصص والخصومات والفكاهات والسخافات ينبش من مكامنه، ولم يعف من هذا النبش أحد، وكان الدوق أورليان يدلي برأيه كالباقين؟. ولكن نادراً جداً ما كانت هذه الأحاديث تؤثر فيه أقل تأثير. وكان هؤلاء الأصحاب يسكرون ما شاء لهم السكر، ويلهبون أنفسهم، ويتكلمون بأقذر الأشياء