دون تحرج، ويتنافسون في التفوه بأفحش العبارات، حتى إذا فرغوا من أحداث الكثير من الضجيج وثملوا بالخمر، مضوا إلى فراشهم ليعاودوا اللعبة ذاتها في الغد (٤٥)".
وقد أفحصت روح فليب القلقة المنزوعة الجذور عن نفسها في قصر تسلط محظياته عليه، فندر أن سيطرت عليه أحداهن أكثر من شهر، ولكن المبعدات منهن كن يترقبن الفرصة حتى يعود دورهن مرة أخرى. وكان خدمه الخصوصيون، وحتى أصدقاؤه، يجلبون له العشيقات الجديدات في غير توقف. فنساء الطبقة العليا، كالكونتيسة بارابير، والنساء المغامرات كمدام تنسان، والمغنيات والراقصات من الأوبرا، والموديلات البارعات الجمال كمدام سابران (التي أثار "سمتها الرائع" و "وجهها الذي لا يدانيه في الحسن وجه في العالم" حتى مشاعر رجل فاضل كسان-سيمون) -هؤلاء كلهن وهبن أنفسهن للوصي لقاء برهة من السلطان، أو لقاء الرواتب أو الإعانات أو المجوهرات، وكان يغدق العطايا عليهن من دخله الخاص أو من الخزانة التي على شفا الإفلاس. على أنه برغم إهماله لم يسمح قط لهؤلاء النسوة بأن ينتزعن من أسرار الدولة، أو أن يناقشن شئونها، فلما حاولت ذلك مدام سابران جعلها تنظر إلى صورتها في المرآة ثم سألها، "أيمكن للإنسان أن يتحدث حديثاً جاداً إلى مثل هذا الوجه الجميل؟ إنني لا أحب ذلك أبداً (٤٦)". وما لبث سلطانها عليه أن زال.
هذا العربيد ذاته كان يحب أمه، فيزورها مرتين كل يوم، ويحتمل توبيخها الحزين في حلم. ومع أنه لم يحب زوجته، فإنه بذل لها العناية والمجاملة، ووجد الوقت لينجب منها خمسة أطفال. وكان يحب أبناءه، وحزن حين لجأت صغرى بناته للدير، ولم يمر به يوم دون أن يزور في قصر اللكسمبورج كبرى بناته، التي كانت حياتها فضيحة محزنة تكاد تعدل فضيحة حياته هو.
ذلك أن زواجها بشارل، دوق بيري، سرعان ما غدا تأرجحاً بين الحرب والهدنة. فبعد أن أمسكته متلبساً بين أحضان امرأة، وافقت على أن ترضى عن خياناته شريطة أن يغض عن خياناتها، ويضيف تاريخ إخباري معاصر أنهما "تعهدا" بأن يحمي الواحد صاحبه (٤٧) "