يجوب في حرية خلال أحلام غريبة ودخيلة، وأخذت الرعويات الحالمة مكان "التواريخ" البطولية، وحلت صور أشخاص المشترين محل صور مآثر الملوك وجلائل أعمالهم.
وواصل بعض الرسامين الذين اشتهروا في عصر لويس الرابع ازدهارهم في عصر الوصاية، ومنهم أنطوان كوابيل، فبعد أن زخرف فرساي بالطراز نفسه الذي زين به القصر القديم، رسم في الباليه-رويال نساء في أثواب طويلة فضفاضة ساحرة. أما نيكولا دلارجليير، الذي كان يبلغ التاسعة والخمسين عند موت الملك العظيم، فقد واصل الرسم ثلاثين سنة أخرى، وصورته معلقة في اللوفر الذي لا تنصب صوره، وهو يبدو في خيلائه وفي باروكته، بصحبة زوجته وابنته. وراح الكساندر فرانسوا ديبورت، الذي مات عام ١٧٤٣ وهو في الثامنة والثمانين، يرسم الآن مشاهد طبيعية عريضة، كلوحة "منظر الايل دفرانس" المحفوظة بمتحف كومبيين. وزخرف فرانسوا لموان، الذي انتحر في التاسعة والأربعين (١٧٣٧)، كنيسة سان-سوليبيس بروح الخشوع والورع، ثم أشاع الدفء في صالون هرقول بفرساي بأجساد شهوانية سيقلدها بوشيه من بعده. وأدخل كلود جيو، مصمم مناظر المسرح وملابسه، ونقاش المناظر الطبيعية واللوحات المسرحية، أسلوب "المهرجانات الريفية" الذي يرتبط عندنا بتلميذه أنطوان فاتو.
وأنطون هذا فلمنكي، ولد لصانع بلاط في فالنسيين (١٦٨٤)، وشكلته أول الأمر التأثيرات الفلمنكية-صور روبنز، وأوستاد، وتنييه، وتعليم مصور محلي يدعى جاك جيران. فلما مات جيران (١٧٠٢) يمم فاتو شطر باريس وهو لا يملك شروى نقير. وكسب قوته بمساعدة رسام للمناظر، ثم بالعمل في مصنع ينتج بالجملة لوحات صغيرة وصوراً دينية. وكان أجره ثلاث فرنكات في الأسبوع مضافاً إليها من الطعام ما يمسك رمقه يفضي لأصابته بالسل. ولكن حمى أخرى كانت تعتمل في صدره وتكويه كياً-وتلك هي الجوع للعظمة والشهرة. فكرس أمسياته وعطلاته لرسم الأشخاص والأماكن من الطبيعة. واستهوى أحد هذه الرسوم التخطيطية جيو، الذي كان يرسم لوحات لمسرح الكوميدي-ايتاليين، فدعا فاتو للانضمام إليه. وجاء أنطوان، ووقع في غرام الممثلين، فرسم أحداثاً