من حياتهم البطولية، وغرامياتهم المتقبلة الطائشة، وألعابهم ونزهاتهم الخلوية، وفزعهم الأكبر حين قصرتهم مدام دمانتنون على البانتوميم (التمثيل الإيمائي) بعد أن ساءها هجاؤهم. والتقط فاتو ما في قلقهم وعدم استقرارها من أسي، والتعبيرات المضحكة المرتسمة على وجوههم، وطيات ثيابهم الغريبة، ثم أضفى على هذه الصور نسيجاً ذا ومض لعله أثار بعض الغيرة في نفس جيو. على أية حال تشاجر الأستاذ والتلميذ وافترقا، وانتقل أنطوان إلى مرسم كلود أودران في اللكسمبورج. وهناك درس في رهبة صور روبنز التي مجد بها ماري مديتشي، ووجد في الحدائق مناظر من الشجر والغيوم فتنت قله أو ريشته.
تلك كانت سنوات مرة يساق فيها الغلمان الفرنسيون على عجل إلى المعركة تلو المعركة في حرب الوراثة الأسبانية الطويلة. وكان يقدم لتضحيتهم على هذا النحو بما ينبغي من العروض الوطنية وحفلات الوداع المثيرة للأسي. وقد وصفها فاتو في لوحته؟ "رحيل الجنود" برقة في الشعور والأسلوب جعلت أودران هو الآخر يوجس من تفوق فاتو عليه. ودخل أنطوان مسابقة نظمتها الأكاديمية الملكية للتصوير والنحت في ١٧٠٩ أملاً في نيل "جائزة روما". فلم ينل الجائزة الثانية، ولكن الأكاديمية ألحقته عضواً بها في ١٧١٢. وبعد جهود صغيرة كثيرة بلغ قمة مجده بلوحته "الأبحار إلى جزيرة سيتير (١٧١٧) " وهي اليوم من أروع كنوز اللوفر. وصفقت لها باريس كلها، وعينه الوصي المغتبط مصوراً رسمياً للملك، وكلفته الدوقة بيري بزخرفة قصرها الريفي "لاموييت". وراح يعمل كالمحموم، وكأنه أدرك أن لن يفسح له في الأجل سوى أربع سنين آخر. وقدّم أنطوان كروزا، منافس فليب ذاته في رعاية الفن، إلى فاتو المأكل والمسكن في قصره المترف. هناك درس أنطوان المصور "أصغر الأنطوانين سناً) أروع مجموعة جمعها مواطن إلى ذلك الحين. ورسم لكروزا أربع لوحات زخرفية، سماها "الفصول". وسرعان ما ذاق ذرعاً بالترف، فراح يتنقل من مكان إلى مكان، حتى إلى لندن (١٧١٩)، ولكن غبار الفحم والضباب رداه إلى باريس، حيث سكن فترة مع تاجر التحف جرسان. ورسم له أنطوان في ثمانية أصباح جانبي لافتة ظهر فيها باريسيون عصريون يفحصون صوراً في حانوت، وفوق النزعة