"يدعون الرب وهم يذبحون اخوتهم"؛ والأتقياء يوحي إليهم قتل الملوك الفرنسيين. وأشادت القصيدة باليزابيث لتقديمها المعونة لهنري نافار، ووصفت معركة أفريه، وشفقة هنري، وعشقه لجابرييل ديستريه، وحصاره لباريس، وامتدحت تحوله للكاثوليكية، ولكنها انتقدت للبابوية لأنها "قوة لا ترحم المغلوبين، ويلين جانبها للغالبين، على استعداد للغفران أو الإدانة حسبما تمليه المصلحة".
وكان فولتير يأمل أن تقبل الهنريادة ملحمة قومية لفرنسا، ولكن الكاثوليكية كانت أعز على مواطنيه من أن تجعلهم يستقبلون القصيدة ملحمة لروحهم. ثم أن أخطاءها كانت تثب إلى العين الدارسة. فالتقليدات الواضحة لهومر وفرجيل-في مشاهد القتال، وفي زيارة البطل للجحيم، وفي إدخال التجريدات المجسدة في الحركة على غرار الآلهة الهومرية-كل أولئك ضحى بمفاتن الابتكار والأصالة، ومع أن الأسلوب كان أسلوب النثر الجيد، فقد افتقد أخيلة الشعر المنيرة. أما المؤلف، الذي أسكره مداد المطبعة، فلم يخامره ظن في هذا. فكتب إلى تييريو يقول "إن شعر الملاحم موطن قوتي، وإلا كنت واهماً جداً (١١٠) " ولقد كان واهماً جداً.
ومع ذلك بدأ أن المديح الذي ظفر به يبرر افتخاره بملحمته. فقد صرح ناقد فرنسي بأنها تسمو على الأنيادة، وذهب فردريك الأكبر إلى "أن أي إنسان تحرر من الهوى سيفضل الهنريادة على قصيدة هومر (١١١) ". ونفدت الطبعة الأولى سريعاً، ونشرت طبعة منتحلة في هولندا وصدرت إلى فرنسا، وحظر البوليس الكتاب، ولكن جميع الناس اشتروه. وترجم إلى سبع لغات، وسنراه يحدث ضجة في إنجلترا. وقد لعب دوراً في إحياء شعبية هنري الرابع. وجعل فرنسا تخجل من حروبها الدينية، وتنقذ النظريات اللاهوتية التي أشعلت في الناس نيران هذه القسوة الضارية.
واستمتع الآن فولتير حيناً بالشهرة والمال دون أن يكدرهما مكدر. فقد اعترف به الناس أعظم شاعر حي في فرنسا، واستقبل في بلاط لويس الخامس عشر، وبكت الملكة من تمثيلياته، ونفحته بألف وخمسمائة جنيه من جيبها الخاص (١٧٢٥). وكتب أكثر من عشرة